الهجرة أصبحت واقعاً مريراً يهدد العديد من القطاعات الحيوية في المجتمع، ولا سيما القطاع الأكاديمي. تُعاني الكليات العملية من نقص شديد في أعضاء هيئة التدريس نتيجة هجرة المعيدين لأغراض الدراسات العليا دون عودة. إضافةً إلى ذلك، أسهم التوسع غير المدروس في إنشاء الجامعات الأهلية في استنزاف الكفاءات الأكاديمية من الجامعات الحكومية، مما يضع التعليم العالي أمام تحديات صعبة تستوجب معالجة سريعة.
تأثير الجامعات الأهلية على الجامعات الحكومية
تتسبب الجامعات الأهلية في أزمة كبيرة لدى الجامعات الحكومية بامتصاصها لأعضاء هيئات التدريس، حتى أصبح عدد الكوادر الأكاديمية في بعض الجامعات الأهلية أقل من قسم علمي عادي في جامعة حكومية. هذا الأمر لا يؤدي فقط إلى تفريغ الجامعات الحكومية من كوادرها، بل يثير تساؤلات حول جدوى الجامعات الأهلية وعائدها الفعلي في تطوير التعليم العالي. هل من دراسات دقيقة لقياس هذه الجدوى؟ أم أن الأمر مجرد تفريغ للموارد والكفاءات؟
ازدواجية المهام الأكاديمية في الجامعات
يشهد أعضاء هيئة التدريس انقساماً في مهامهم الأكاديمية، حيث تُفرض عليهم لوائح وقوانين تجعلهم يتنقلون بين الكليات الحكومية والمهام القومية، مما يستهلك طاقاتهم. يزداد الأمر تعقيداً مع اقتصار الانتدابات المميزة على برامج بعينها وعدم السماح بها للبرامج المجانية، مما يخلق تفاوتاً غير عادل بين الطلاب. هذه السياسات تحتاج إلى إعادة نظر لحماية التعليم المجاني وتحقيق العدالة بين كافة الأطراف.
معاناة مستمرة في بيئة التعليم العالي
يُعاني أعضاء هيئة التدريس من بيئة حافلة بالتحديات؛ لوائح غير عملية، مقررات دراسية مكثفة، وضغوط التقييم والجودة التي تفتقر إلى تطبيقات فعلية. هذه الأجواء تجعل من الهجرة خياراً مغرياً للكثيرين بحثاً عن بيئة عمل أكثر استقراراً واحتراماً. يمكننا القول إن أزمة التعليم العالي ليست فقط أزمة موارد، بل أزمة تخطيط وإدارة.