9 طُرق خفيِّة «يتنصَّت» بها هاتفك الذكي عليك!

باتت الهواتف الذكية لا غنى عنها في حياتنا اليومية، لكن قدرتها على «مراقبة» مستخدميها و«الاستماع» إليهم – غالباً من دون موافقة صريحة من جانبهم – تثير القلق.

وبينما تصر شركات التكنولوجيا الكبرى على أن ميزات وخصائص مثل المُساعِدات الصوتية لا تُفعّل إلا بأمر من جانب المستخدم، فإن هناك أدلة وتجارب مستخدمين تشير إلى أن أجهزة الهواتف الذكية قد تلتقط الصوت المحيط بها بطرق أكثر خفاءً وأقل شفافية.

ونظراً إلى أهمية هذا الموضوع، إليكم في التالي تسعة طرق قد يتنصت بها هاتفك الذكي عليك، إلى جانب ما يمكنك فعله لحماية خصوصيتك.

1. كلمات تفعيل المُساعِد الصوتي ليست مضمونة

تُصمَّم المُساعِدات الصوتية – مثل «سيري» و«مُساعِد غوغل» و«أليكسا» – بحيث يتم تفعيلها بعبارات صوتية تنبيهية (مثلاً: «يا سيري»، «حسناً يا غوغل»). ومع ذلك، وجدت دراسات – بما في ذلك تحليل أجرته جامعة ماريلاند الأميركية في العام 2023 – أن هذه الأنظمة يمكن أن تسيء تفسير ضوضاء الخلفية أو أي عبارات مشابهة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى قيامها بتسجيلات صوتية غير مقصودة. وهكذا، فإن هذه التسجيلات غير المقصودة التي تُخزن أحياناً لـ«تحسين الخدمات» قد تلتقط وتحفظ محادثات شخصية خاصة.

2. استهداف الإعلانات بناءً على المحادثات

يبلغ المستخدمون غالباً عن إعلانات لمنتجات ناقشوها شفهياً لكنهم لم يبحثوا عنها عبر الإنترنت. ولم تثبت دراسة أجرتها جامعة نورث إيسترن الأميركية في العام 2024 بشكل قاطع استهداف الإعلانات بناءً على الصوت، لكنها لاحظت أن التطبيقات التي لها إمكانية الوصول إلى ميكروفون الهاتف الذكي غالباً ما تشارك البيانات الصوتية التي تلتقطها مع شبكات الإعلانات. وتشير تلك العلاقة إلى أن الهواتف الذكية قد تلتقط وتعالج الأصوات المحيطة بها لاستخدامها لأغراض التسويق، حتى لو لم تُسجل تلك الأصوات صراحة.

3. وصول بعض التطبيقات إلى الميكروفون في الخلفية

تطلب تطبيقات عدة من مستخدم الهاتف إذن السماح بالوصول إلى الميكروفون لأسباب مشروعة (مثل إجراء مكالمات الفيديو). ومع ذلك، وجد تقرير أعدته منظمة «برايفسي إنترناشيونال» في العام 2024 أن بعض التطبيقات – بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي المشهورة – تصل إلى الميكروفونات في الخلفية من دون مبرر واضح، وهو الأمر الذي يتيح لها إمكانية التقاط الصوت المحيط بالهاتف أثناء أداء مهام غير ذات صلة، وغالباً ما يكون الإذن «مدفوناً» في شروط الخدمة الغامضة.

4. إشارات فوق صوتية في الإعلانات

يضمّن بعض المعلنين إشارات فوق صوتية – غير مسموعة للبشر – في إعلانات التلفزيون أو عبر الإنترنت. ويمكن للهواتف ذات الميكروفونات النشطة اكتشاف هذه الإشارات التي تربط جهازك بإعلانات أو مواقع محددة. وأشار تحذير من جانب لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية في العام 2023 إلى هذه الممارسة التي يستخدمها تجار التجزئة عادة ليتتبعوا سلوكيات المستهلكين، وغالباً ما يتم ذلك دون علم مستخدمي الهواتف.

5. ميزات دائمة التشغيل… من أجل «الراحة»

تتعرف ميزات مثل «الآن يُعزف» (Now Playing) على هواتف بيكسل وغوغل أو غيرها على الأغاني التي تُعزف في جوار جهاز الهاتف من خلال تحليل الصوت المحيطي باستمرار. وبينما يتم تسويق مثل هذه الأدوات كميزات حميدة توفر «الراحة» للمستخدم، فإنها تتطلب الوصول إلى ميكروفون الهاتف، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات عما قد تسجله أيضاً. تدعي شركة غوغل أن الصوت يُحلل محلياً في داخل جهاز الهاتف فقط، لكن الشكوك ما زالت مستمرة بسبب قلة الشفافية في هذا الخصوص.

6. معالجة الصوت… القائمة على السحابة

عندما تعالج المُساعِدات الصوتية الأوامر الصوتية، فإنها غالباً تُرسل الصوت إلى خوادم سحابية لتحليله ومعالجته. وكشف تقرير أعده متعاقد سابق مع شركة أمازون الأميركية في العام 2024 عن أن تسجيلات المساعد الصوتي «أليكسا» تضمنت أحياناً محادثات صوتية حساسة بين مستخدمي الهواتف، وهي المحادثات تُخزن إلى أجل غير مسمى ما لم يحذفها المستخدمون يدوياً. وهناك شركات أخرى تقوم بممارسات مماثلة، وبعضها يوفر إمكانية إلغاء أو تعطيل الاشتراك لكن بطريقة غير واضحة غالباً.

7. التتبع عبر الأجهزة… صوتياً

يمكن للهواتف الذكية أن تقرن بيانات الصوت مع أجهزة أخرى (مثل التلفزيونات الذكية، ومكبرات الصوت المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي) وذلك من أجل إنشاء ملفات تعريف مستخدم مفصلة. ووجدت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج في العام 2023 أن التتبع عبر الأجهزة باستخدام إشارات صوتية يساعد الشركات في بناء نماذج سلوكية شاملة، وغالباً ما يتم ذلك من دون موافقة صريحة من جانب مستخدمي الهواتف.

8. مجموعات تطوير برمجيات SDKs التابعة لطرف ثالث

تستخدم العديد من التطبيقات مجموعات تطوير برمجيات (SDKs) تابعة لجهات خارجية لأغراض التحليلات أو الإعلانات، وهي المجموعات التي قد تشتمل على قدرات معالجة الصوت. وقد رصد تحليل أجرته شركة AppCensus في العام 2024 مجموعات SDK في تطبيقات مشهورة وشائعة تصل إلى ميكروفونات الهواتف بشكل خفي ثم مشاركة البيانات الصوتية مع أطراف أخرى غير معروفة. وعادة، لا يكون لدى مستخدمي الهواتف فكرة عن وجود مثل هذه الأدوات الخفية المدمجة.

9. الاستماع على مستوى البرامج الثابتة

على مستوى الأجهزة، قد تحتوي الهواتف الذكية على رقائق منخفضة الطاقة تراقب الصوت لرصد محفزات محددة، ككلمات التنبيه والاستيقاظ مثلاً. وحذر باحثون في مجال الأمن السيبراني في العام 2024 من أن هذه الرقائق يمكن أن تُستغل نظرياً من جانب الشركات المصنعة لها أو من جانب قراصنة الإنترنت لالتقاط الصوت متجاوزةً بذلك الضوابط التي يحددها المستخدم. وصحيح أنه لم يتم حتى الآن تأكيد سوء استخدام واسع النطاق لتلك الرقائق، لكن المخاطر تبقى قائمة.

لماذا تظل شركات التكنولوجيا صامتة؟

تؤكد عمالقة التكنولوجيا – مثل شركات أبل وغوغل وأمازون – على مسألة حماية خصوصية المستخدم خلال التسويق، لكنها نادراً ما تكشف عن النطاق الكامل لمعالجة الصوت. وتتيح بعض الثغرات القانونية جمع البيانات تحت بنود «تحسين تجربة المستخدم» العامة، كما يكافح المنظمون لمواكبة التكنولوجيا المتطورة. وحتى الآن، لم تمنع الغرامات الثقيلة – مثل تسوية غوغل للخصوصية بقيمة 5 مليارات دولار في العام 2024 – استمرار هذه الممارسات بالكامل.

* كيف تحمي نفسك؟

في التالي مجموعة من أبرز النصائح التي قدمها خبراء أمن سيبراني من أجل حماية نفسك من مخاطر التنصت عبر هاتفك الذكي:

– تعطيل أذونات الميكروفون: راجع أذونات التطبيق (الإعدادات > الخصوصية > الميكروفون) وألغِ السماح بالوصول للتطبيقات غير الأساسية.

– إيقاف المُساعِدات الصوتية: عطّل ميزات «الاستماع الدائم». مثال: (الإعدادات > سيري والبحث > الاستماع لـ«يا سيري»).

– استخدام تطبيقات تركز على الخصوصية: اختر تطبيقات ذات سياسات خصوصية شفافة، مثل تطبيق المراسلة «سيغنال».

– فحص خيارات حذف البيانات: احذف تسجيلات الصوت بانتظام عبر لوحات المُساعِد (مثل: myactivity.google.com).

– الحواجز المادية: استخدم حاصرات الميكروفون أو احتفظ بالهاتف في حافظات عازلة للصوت عند عدم الاستخدام.

– البقاء على اطلاع: تابع مجموعات الدفاع عن الخصوصية للحصول على تحديثات عن تقنيات المراقبة.

وختاماً، صحيح أن هاتفك الذكي قد يستمع بشكل خفيّ إلى أمور شخصية تخصك أكثر مما تعتقد، لكن الأمر كان وسيبقى في كل الأحوال متروكاً لك لتقرر ما ترغب وما لا ترغب في أن يستمع إليه هاتفك ويسجله ويحلله ويرسله إلى جهات أخرى بعضها مجهولة.

close