برامج رمضان إلى أين؟! …

ماذا حدث لبرامج رمضان
-وما بعد رمضان- بعد أن كانت في الماضي تتسم بالتسلية الخفيفة دونما ابتذال، والمعلومة
المفيدة دونما تقعر ولا تحدب، وأكثر من هذا وذاك المهنية الرفيعة المستوى، يدعم هذا
ويحققه كتيبة من المذيعين والمذيعات على مستوى رفيع.وقد تحقق ذلك بالتلفزيون
والإذاعة المصرية على حد سواء، فكان على سبيل المثال برنامج للمذيع اللامع طارق حبيب،
أعتقد اسمه “نجوم على الهوا”، والطريف في هذا البرنامج أنه كان يعقد مقارنات
بين النجوم وبعضها البعض، فوجدنا قامات بحجم زكي طليمات ويوسف وهبي يطرحون نفس السؤال
على كل واحد منفصلا، ونرى الإجابات التي لم تكن مجرد إجابة بقدر ما هي موسوعة معرفية
كاملة.ونجد برنامجا لنفس
المذيع بعنوان “أوتوجراف” وفكرته البسيطة والرائعة، هي استضافة أحد نجوم
الحياة المصرية في كافة المجالات، وينتهي البرنامج بكتابة الضيف كلمة في أوتوجراف البرنامج،
وهي غالبا لها سمت معرفي إنساني رفيع.وهناك برنامج “يا
رمسيس يا” الذي برغم تحفظنا عليه بعض الشيء لكنه بالقياس للغث والرديء الذي يبث
الآن على مرأى ومسمع من الجميع؛ يصبح بمثابة أسطورة.وهناك برنامج “مسابقات
النجوم” الذي يساهم ولو بقدر بالمعرفة الفنية للمشاهد، فالبرنامج يقدم فريقين،
كل فريق يختار اسم فيلم ويبدأ في تجسيده بالتمثيل الصامت، والفائز هو من يعرف أو يخمن
اسمه.هذه بعض من برامج
بعد الإفطار، أما برامج قبل الإفطار، فكانت تتنوع بين الديني وفن الطبخ، فكان برنامج
الشيخ الشعراوي قبل الإفطار الذي حقق جماهيرية جارفة على مدار سنين طويلة، وكذلك البرامج
التقليدية عن فن الطبخ وإعداد طبق اليوم للمائدة الرمضانية، وكذلك برنامج “مسحراتي”
الذي يأتي قرب أذان الفجر إيذانا بالسحور الرمضاني، كانت هذه البرامج برغم بساطتها
البادية، إلا أنها كان لها عظيم الأثر في تكوين الوعي الجمعي لأجيال متلاحقة،
لأنها كانت تحمل المعلومة مهما بلغت في إطار من التسلية والمتعة دونما افتعال ولا ركاكة
ولا صريخ ولا عويل ولا ادعاء فج وثقل ظل لا يحتمل، لقد كانت مائدة رمضان في السابق
عامرة ببرامج بسيطة في شكلها، لكنها دسمة في مذاقها.أما الآن فنرى برامج
ذات ميزانيات كبيرة مبالغ في تقديرها وإمكانات تقنية متطورة، ومع كل هذا نجد خواء بالمحتوى
إلى حد السفه، وكأن أصحاب هذه البرامج شغلهم الشاغل جمع الأموال بأي حساب وعلى أي
حساب، ولهذا نجد برامج هذه الأيام لا طعم لها ولا لون ويغلب عليها السطحية والارتجال
الفج أو الاستسهال المعيبُ الذي لا نقبله أبدا والذي نشبهه بالوجبة السريعة الفاسدة
المدمرة ذات المذاق البلاستيكي.ولهذا نطمح أن تعود
مائدة منوعات وبرامج رمضان -وما بعد رمضان- بكامل دسمها، فما أحوجنا وأحوج الأجيال
الجديدة لها.








close