جو 24 :
كتب ا. د. هاني الضمور –
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أصدرت وزارة التربية والتعليم قراراً يقضي بتأنيث التعليم في الصفوف من الأول إلى السادس الابتدائي، وذلك عبر نقل الطلبة الذكور إلى مدارس الإناث تحت إشراف معلمات فقط. وبينما برّرت الجهات الرسمية القرار بأهداف تنظيمية وتربوية، إلا أن انعكاساته النفسية والتربوية على تكوين الطفل الذكر تفتح باباً واسعاً للنقد العلمي والاجتماعي.
الطفل الذكر، في سنواته الأولى، لا يكتفي بتلقي المعرفة من المعلم، بل يتعلم من بيئته الاجتماعية والسلوكية. وهي بيئة، إن افتقرت إلى النماذج الذكورية المتوازنة، قد تؤثر سلباً على بناء هويته الجندرية وشخصيته النفسية. فالمدرسة ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل فضاء تشكّل فيه الملامح الأولى للرجولة والانضباط وتحمل المسؤولية.
في بيئة مؤنثة بالكامل، حيث المعلمات والطالبات يشكلن المشهد العام، يجد الطفل الذكر نفسه في معزل نفسي واجتماعي عن عناصر التوازن الجندري. فهو لا يرى من يمثله في السلوك، ولا يسمع صوتاً شبيهاً بصوته، ولا يواجه صراعاً سلوكياً ينمّي قدرته على المواجهة والانضباط. بل يعيش في فضاء قد يُكرّس فيه السلوك الناعم والانفعالات العاطفية، على حساب قيم الحزم والتحمّل والمغامرة.