إشعارات تأسر الملايين حول العالم

عندما تفتح عينيك في الصباح، وأنت لا تزال نصف نائم، تمتد يدك تلقائيًا نحو طاولة السرير الجانبية بحثًا عن هاتفك المحمول. في تلك اللحظة، على الرغم من أن عقلك لا يزال غارقًا في الضباب، تجد يدك طريقها إلى الهاتف بمهارة، وكأنها ألفت هذه الحركة اليومية. وبمجرد أن تمسك بالهاتف، تبدأ بتصفح الإشعارات والرسائل التي تنتظرك، ليبدأ يومك فعليًا قبل أن تستيقظ بشكل كامل، محاطًا بمزيج من المعلومات التي تنهال عليك.

يتكرر هذا المشهد لدى الملايين حول العالم؛ فقد أصبحت الهواتف الذكية والإشعارات جزءًا لا يتجزأ من روتينهم الصباحي. ومع تصفح الإشعارات ومتابعة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، يبدأ اليوم بتدفق مستمر من المعلومات التي تستهلك الذهن وتشتت الانتباه. تؤدي هذه الإشعارات المتواصلة والمحتوى الذي يبدو بلا نهاية على تلك المنصات، إلى آثار سلبية واضحة على التركيز والإنتاجية، سواء في العمل أو الدراسة، حيث تتراجع القدرة على التركيز والانضباط الشخصي، مما ينعكس سلبًا على الأداء اليومي الفعّال.

أصبحت الإشعارات المستمرة من أبرز التحديات التي تواجه مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن كل إشعار جديد يخلق شعورًا ملحًا بضرورة التحقق منه فوراً. يتعرض المستخدمون إلى موجات متتالية من الإشعارات، سواء كانت من تطبيقات الدردشة أو تحديثات الشبكات الاجتماعية أو حتى إشعارات من تطبيقات الأخبار، وهذا الكم المستمر من الإشعارات يؤدي إلى تشتت الانتباه، خاصة عند التركيز على مهام تتطلب جهداً ذهنياً، كالدراسة أو العمل.

وتشكل المقاطعات المتكررة التي تفرضها الإشعارات مصدرا مستمرا للتشتيت؛ فعندما ينخرط الشخص في عمل يتطلب التركيز، يؤدي كل إشعار جديد إلى كسر هذا التركيز. قد تبدو تلك اللحظات التي يتم فيها التحقق من الإشعارات قصيرة وغير مؤثرة، لكنها في الواقع تتراكم لتؤدي إلى فقدان التركيز المستمر. ولدى العودة إلى العمل بعد التشتت، يحتاج الفرد إلى وقت وجهد لاستعادة مستوى التركيز نفسه، وهذا “الانتقال العقلي” يعوق تقدم العمل ويبطئ الإنتاجية.

هاتف ذكي يعرض صورة لتطبيقات التواصل الاجتماعي.

كما تساهم الإشعارات المستمرة أيضًا في خلق حالة من القلق والإجهاد النفسي. ينتج هذا القلق من الشعور بضرورة الاطلاع على كل ما هو جديد على الفور. وقد يترسخ لدى الفرد خوف من أن يفوته شيء مهم، وهذا ما يُعرف بظاهرة “الخوف من فقدان الفرصة” التي تجعل المستخدمين أسرى لإشعارات هواتفهم. بالتالي، تخلق هذه الحالة النفسية ضغطًا إضافيًا، يزيد مستويات التوتر ويؤثر على صحة المستخدم النفسية والجسدية على المدى الطويل.

close