الإمارات تُشعل سباق الذكاء الاصطناعي بالشرق الأوسط.. هل يتحول التعليم جذريًا؟

في خطوة تاريخية تعكس رؤية الإمارات المستقبلية، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، اعتماد المنهج النهائي لمادة الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم الحكومي، من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر، ابتداءً من العام الدراسي 2025-2026.
وصرّح الشيخ محمد بن راشد عبر منصة “إكس” قائلاً: “اعتمدت حكومة الإمارات المنهج النهائي لاستحداث مادة الذكاء الاصطناعي في كافة مراحل التعليم الحكومي”.
وأضاف: “هدفنا تعليم أطفالنا الفهم العميق للذكاء الاصطناعي من الناحية الفنية، وترسيخ وعيهم بأخلاقيات هذه التكنولوجيا الجديدة، وتعزيز فهمهم لخوارزمياتها وتطبيقاتها ومخاطرها”.

الإمارات تُرسّخ ريادتها التكنولوجية في التعليم بـ الذكاء الاصطناعي

تمثل هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تجهيز الأجيال المقبلة بمهارات المستقبل.
فمع تسارع تطورات الذكاء الاصطناعي عالمياً، تبرز الإمارات كواحدة من أوائل الدول التي تدمج هذا المجال الحيوي في المناهج التعليمية.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية ورئيس مجلس التعليم والتنمية البشرية، إن “إدراج مادة الذكاء الاصطناعي يعكس حرص الدولة على تمكين الطلبة من امتلاك فهم عميق لهذه التقنية ليس فقط تقنيًا، بل أخلاقيًا وثقافيًا أيضًا”.

الذكاء الاصطناعي: من الصفوف الدراسية إلى مستقبل الوظائف

بحسب وزارة التربية والتعليم، يهدف المنهج الجديد إلى تعريف الطلبة بأساسيات الذكاء الاصطناعي، وتمكينهم من تطبيق مفاهيمه في الحياة اليومية، عبر مناهج حديثة وأدوات تفاعلية تحاكي بيئة العصر الرقمي.
ويُعد تضمين التكنولوجيا الذكية في التعليم المدرسي خطوة استراتيجية تعزز قدرة الطلبة على الابتكار، وتدفعهم نحو تخصصات حيوية مثل تحليل البيانات، البرمجة، التعلم الآلي، بما يتماشى مع التوجهات العالمية الحديثة.

استثمار ضخم يدعم الطموح التعليمي

يتزامن التوسع التعليمي مع خطط استثمارية طموحة في قطاع الذكاء الاصطناعي. فقد كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” أن مجموعة “جي 42″(G42) الإماراتية، المدعومة من “مبادلة للاستثمار”، تخطط لضخ عشرات المليارات من الدولارات في هذا المجال داخل الولايات المتحدة، من خلال كيان قانوني جديد باسم “G42 USA” تأسس في ولاية ديلاوير مطلع العام الجاري.
تسعى المجموعة إلى توسعة أنشطتها في الحوسبة السحابية ومراكز البيانات، مع الإعلان عن مشاريع جديدة خلال الأشهر المقبلة.

الإمارات تستهدف ريادة عالمية في الرقائق الإلكترونية

في سياق آخر، أفادت تقارير بأن الإمارات تعتزم الاستثمار بقوة في قطاع أشباه الموصلات، وذلك في إطار طموحاتها للتحول إلى قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا للبيت الأبيض، فقد التزمت الإمارات باستثمارات تصل إلى 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال العقد المقبل، تشمل مجالات التكنولوجيا الذكية، والطاقة، والصناعة، والتكنولوجيا المتقدمة.

توجه استراتيجي نحو تأمين سلاسل التوريد التكنولوجية

ضمن هذه الرؤية، تسعى مجموعة G42 إلى ضمان الوصول إلى الرقائق الإلكترونية الأمريكية الضرورية لتطوير بنيتها التحتية التكنولوجية، حيث تتفاوض حالياً مع جهات أميركية بشأن تخفيف القيود على مبيعات شركة “إنفيديا” للإمارات.
وقد أعلنت المجموعة العام الماضي عن استثمار قدره 335 مليون دولار في شركة “سيريبراس” الأمريكية، المتخصصة في تصنيع الرقائق الإلكترونية.
وقد وافقت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة على الصفقة، مع قيود تمنع الشركة الإماراتية من امتلاك أسهم تصويتية.

زيارة رئاسية مرتقبة لتعزيز الشراكات التكنولوجية

في سياق تعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيزور الإمارات والسعودية وقطر في 13 مايو الجاري، في جولة رسمية تستمر 3 أيام، تهدف لمناقشة الاستثمارات الأجنبية، وتوطيد العلاقات الخليجية-الأمريكية.
ومن المتوقع أن تتصدر ملفات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات أجندة المحادثات، في ظل تنامي الدور الخليجي في رسم ملامح الاقتصاد الرقمي العالمي.

الذكاء الاصطناعي: حجر الأساس لاقتصاد المعرفة في الإمارات

تمثل مبادرة تدريس الذكاء الاصطناعي في التعليم العام محوراً أساسياً ضمن استراتيجية “الاقتصاد الرقمي” التي تتبناها الإمارات، والتي تركز على الاستثمار في رأس المال البشري منذ مراحل التعليم المبكرة.
وتعكس هذه المبادرة التزام الدولة بالتحول إلى اقتصاد معرفي متكامل، يرتكز على الابتكار والتكنولوجيا.
ويقول الخبراء إن تضمين مناهج التكنولوجيا الذكية في المدارس سيسهم في بناء جيل قادر على التعامل بوعي وكفاءة مع تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، ما يعزز من تنافسية الإمارات في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
اقرأ أيضًا .. دبي تسحب البساط من تحت أقدام سويسرا.. مركز مالي لأثرياء العالم

الإمارات نموذج عالمي لتكامل التعليم والاقتصاد الرقمي

بفضل هذه المبادرات الطموحة، تكرّس الإمارات مكانتها كدولة رائدة في دمج التكنولوجيا المتقدمة بالتعليم، ما يجعل تجربتها محل دراسة من قبل العديد من الدول الطامحة لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة.
وبينما تخطط دول كبرى لتحديث أنظمتها التعليمية استجابة لمتغيرات الذكاء الاصطناعي، تمضي الإمارات قُدمًا بخطوات مدروسة تجمع بين تطوير المناهج، وبناء بنية تحتية رقمية، وجذب الاستثمارات النوعية في القطاعات التكنولوجية الحيوية.

نسخ الرابط
تم نسخ الرابط

close