الذكاء الاصطناعي في التعليم الثانوي: تمهيد رقمي لرؤية 2030

في خطوة تعكس طموح المملكة العربية السعودية للتحوّل إلى اقتصاد معرفي قائم على الابتكار، أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” بالشراكة مع وزارة التعليم عن إطلاق مقرر دراسي جديد بعنوان “مقدمة في الذكاء الاصطناعي”، موجّه لطلاب الصف الثالث الثانوي في المسار العام.

وأُعلن عن هذه المبادرة خلال مؤتمر “مبادرة تنمية القدرات البشرية 2025” الذي جمع أكثر من 300 من القادة والخبراء العالميين في مجالات التعليم والتقنية والسياسات العامة، ما يؤكد أهمية هذا التوجه كجزء من استراتيجية وطنية بعيدة المدى.

محتوى تعليمي متكامل يجمع النظرية بالتطبيق

يركّز المقرر الجديد على تزويد الطلاب بأساس معرفي في مفاهيم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الواقعية، حيث يشمل مواضيع متعددة منها الأنظمة الذكية والخوارزميات، تحليل البيانات، والتعلم الآلي، إلى جانب أمثلة عملية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الرعاية الصحية، النقل، والخدمات الذكية.

وما يميز هذا البرنامج أنه يُقدّم عبر منصة رقمية تفاعلية تم تصميمها خصيصاً، وتجمع بين محتوى وسائط متعددة، دروس مرئية، رسوم توضيحية، تقييمات تفاعلية، ومتابعة مستمرة من معلمين مدربين، لتقديم تجربة تعليمية متكاملة تحاكي احتياجات التعليم الحديث.

نطاق واسع وتأثير شامل

في مرحلته الأولى، من المتوقع أن يستفيد من هذا البرنامج أكثر من 50,000 طالب وطالبة في مختلف مناطق المملكة. ويُعد هذا الرقم بداية لمسار أوسع تسعى الجهات المنظمة من خلاله إلى تعميم التجربة لاحقاً، لتصبح جزءاً من البنية الأساسية لمقررات التعليم الثانوي في المملكة.

ركيزة في تنفيذ رؤية المملكة 2030

إطلاق هذا المقرر لا يُمكن فصله عن السياق الأشمل لرؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً للبيانات والذكاء الاصطناعي.

ومن خلال تقديم مقررات متخصصة في الذكاء الاصطناعي في مرحلة التعليم الثانوي، تسعى الدولة إلى بناء اقتصاد معرفي يقلّص الفجوة الرقمية ويُعد الكوادر الوطنية لمتطلبات سوق العمل المستقبلي.

قد يهمكم أيضا: كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. جوائز تفوق 70 مليون دولار

مبادرات داعمة: مليون سعودي للذكاء الاصطناعي

إلى جانب المقرر المدرسي، أطلقت سدايا مبادرة وطنية ضخمة بعنوان “مليون سعودي للذكاء الاصطناعي – سماي”، بالشراكة مع وزارتي التعليم والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتهدف إلى تدريب مليون مواطن ومواطنة على المهارات الأساسية والمتقدمة في الذكاء الاصطناعي.

وتتضمن المبادرة التعريف بأساسيات البيانات، استخدامات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، وأخلاقياته، مع توفير تدريب عن بُعد يمنح المشاركين شهادات معتمدة من “سدايا”. تم تصميم هذه المبادرة وفق أعلى المعايير الدولية لتدعم مفهوم التعلم المستمر، وتعزز الوعي العام بدور الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة ودفع عجلة التنمية.

خطوة نحو المستقبل الرقمي

ويمثل دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج المدرسية السعودية نقلة نوعية تتجاوز حدود التعليم التقليدي، لتُهيئ الأجيال القادمة للتفاعل مع تحديات وفرص العصر الرقمي.

فهي ليست مجرد مادة دراسية، بل بداية لمسار وطني لبناء مجتمع معرفي قائم على التقنية، يتفاعل بذكاء مع المتغيرات، ويقود مستقبله بثقة. وفي هذا السياق، تؤكد “سدايا” التزامها بالاستثمار في التعليم كأداة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، والارتقاء بمكانة المملكة في مصاف الدول الرائدة في الذكاء الاصطناعي.

close