شهد عام 2024 ارتفاعًا مقلقًا في وتيرة الهجمات السيبرانية التي تستهدف أنظمة التقنيات التشغيلية الحيوية، والتي شهدت زيادة كبيرة بلغت نسبتها 49%، مستهدفة قطاعات بالغة الأهمية مثل: شبكات الطاقة، ومنشآت النفط والغاز، والمصانع، وأنظمة النقل الحيوية، وفي هذا السياق، أطلق مؤتمر ومعرض (جيسيك جلوبال 2025)، مسارًا أمنيًا متخصصًا في التقنيات التشغيلية، ليكون استجابة إستراتيجية لهذه التهديدات المتزايدة.
وقد جاء إطلاق هذا المسار الأمني الجديد كجزء محوري من فعاليات معرض (جيسيك جلوبال 2025) GISEC GLOBAL، الذي يُعدّ أكبر حدث متخصص في الأمن السيبراني على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
تعميق النقاش حول أمن التقنيات التشغيلية في جيسيك جلوبال:
شهد المسار الجديد لأمن التقنيات التشغيلية نقاشات عميقة حول المخاطر المتصاعدة والثغرات الأمنية الكامنة في الأنظمة التشغيلية الحالية، مع عرض الإستراتيجيات الضرورية والفعالة لحماية البنية التحتية الحيوية من الاختراقات المدمرة.
وتطرق المؤتمر إلى محاور بالغة الأهمية، بما يشمل: إدماج الذكاء الاصطناعي في تأمين أنظمة التحكم الصناعي والتقنيات التشغيلية، وتحديات الأمن السيبراني التي تفرضها الحوسبة الكمية، وأساليب حماية أنظمة التحكم الصناعي ونظام سكادا (SCADA)، الذي يدير العمليات الحيوية في المنشآت الصناعية، بالإضافة إلى تأمين سلاسل الإمداد الرقمية المعقدة.
وجاءت هذه النقاشات بحضور نخبة من كبار مسؤولي الأمن السيبراني، ومدراء المعلومات، ورؤساء أقسام أمن أنظمة التقنيات التشغيلية، ومدراء الأمن، وصانعي السياسات، بهدف تبادل الخبرات وبلورة حلول جماعية لتعزيز صمود نظم التحكم الصناعي وسلاسل الإمداد الرقمية وأنظمة سكادا في وجه التهديدات المتقدمة.
أسباب التركيز في أمن التقنيات التشغيلية:
يتزامن توجه التركيز في أمن التقنيات التشغيلية مع تطورات مهمة تشهدها الصناعة، إذ تشير تقديرات شركة (Markets and Markets) إلى أن حجم سوق أمن التقنيات التشغيلية العالمي سيشهد نموًا مضاعفًا ليصل إلى 44.9 مليار دولار بحلول عام 2029.
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، كشف بحث أجرته شركة (IBM) أن متوسط تكلفة الهجمات الإلكترونية على المؤسسات يبلغ 8.75 ملايين دولار، وهو رقم يقارب ضعف المتوسط العالمي، مما يؤكد الحاجة الملحّة لتعزيز الأمن السيبراني في هذا المجال.
ويمثل أمن التقنيات التشغيلية خط دفاع متقدم يهدف إلى ضمان سلامة واستمرارية وتوفر أنظمة التحكم الصناعي، ومع التصاعد المستمر في التهديدات السيبرانية التي تستهدف البنى التحتية الحيوية، لم يَعد أمن التقنيات التشغيلية مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لضمان استمرار العمليات الحيوية في قطاعات النفط والغاز والتصنيع والطاقة والنقل والمرافق العامة.
وقد شهد أواخر عام 2024 ارتفاعًا ملحوظًا لهجمات برامج الفدية التي استهدفت القطاعات الصناعية، وتحولت منشآت التصنيع والنقل وعمليات أنظمة التحكم الصناعي إلى أهداف رئيسية. ولا يمكن تحقيق حماية فعالة للبنية التحتية في عام 2025 وما بعده إلا من خلال تبني دفاعات قوية، وتبادل المعلومات الاستخبارية بشكل فعال، وتعزيز التعاون الوثيق بين مختلف القطاعات.
واستمع الحضور في المؤتمر إلى خبراء أكدوا الحاجة إلى تبني إستراتيجيات حماية متطورة للتقنيات التشغيلية، مع التركيز في إمكانات الذكاء الاصطناعي، والاستفادة من تقنيات التعلم الآلي والتعلم العميق والنماذج اللغوية الكبيرة في الكشف عن التهديدات والاستجابة لها.
مخاطر الأمن السيبراني في قطاع النقل البحري:
لم يغفل المؤتمر مناقشة التهديدات السيبرانية المتزايدة في قطاع النقل البحري، إذ يمكن للسفن الحديثة أن تحمل آلاف الركاب وتعمل بتقنيات القيادة الذاتية، في ظل وجود قوانين ولوائح مختلفة للذكاء الاصطناعي بين الدول.
وقد دعا سيمون فورتين، الرئيس العالمي لأمن المعلومات في قسم الرحلات البحرية في شركة MSC، إلى ضرورة وضع لوائح موحدة وقابلة للتطبيق على مستوى العالم لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع الحيوي.
وأشار إلى التحديات التنظيمية المعقدة التي تواجه قطاع النقل البحري الدولي، إذ تخضع السفن لجهات مالكة ومشغلة مختلفة، وترفع أعلام دول متنوعة، مما يجعل تطبيق قوانين الذكاء الاصطناعي أمرًا بالغ الصعوبة في المياه الدولية.