باعوا أراضيهم عشان “ألفين جنيه في اليوم”.. نصب إلكتروني يُسقط قرية كاملة في فخ بـ60 مليون كاش – إزاي قدروا يصدقوا؟

في زمن يسعى فيه الناس خلف فرص الربح السريع، وقعت قرية “الكُتامية” بمحافظة المنوفية ضحية واحدة من أكبر عمليات النصب الإلكتروني في مصر مؤخرًا. وعود بأرباح يومية خيالية وصلت إلى ألفين جنيه مقابل إيداع 100 ألف، دفعت مئات من الأهالي لبيع ممتلكاتهم، ليكتشفوا لاحقًا أنهم تورطوا في فخ محكم كلفهم مجتمعين أكثر من 60 مليون جنيه.

البداية.. حلم الثراء السريع

كل شيء بدأ بمنصة استثمارية مزعومة ادّعى مروجوها أنها تعمل في البورصة المصرية وتستثمر في مجالات النفط والذهب والعملات الرقمية. واستغل القائمون على هذه عملية النصب الإلكتروني ثقة الأهالي وروح المجتمع، فأوهموهم أن جيرانهم قد جربوا الربح بالفعل، وأن الأموال تصلهم يوميًا دون تأخير.

وبالفعل، بدأت الدائرة تتسع، وأصبح ذكر “المنصة” حديث الناس، حتى أن أحد الشابين الذين روجوا لها بدأ في استعراض مظاهر الثراء المفاجئ؛ سيارة فارهة، أراضٍ، منازل، وزواج في وقت قياسي. هذه المؤشرات عززت من صدقية القصة الزائفة.

حقيبة الأموال عند مكتب البريد

في مشهد بدا حقيقيًا للغاية، شوهد والد أحد المتهمين يحمل حقيبة مليئة بالأموال ويوزعها على بعض المشتركين أمام مكتب بريد القرية، في صورة أشعلت طمع البعض وثقة البعض الآخر. حتى موظف البريد نفسه تحدث عن “الأرباح” أمام الأهالي، ليزداد الإقبال على المنصة، دون تحقق أو توثيق رسمي.

باعوا أراضيهم.. وخسروا كل شيء

قصص الضحايا مؤلمة ومتكررة: رجل باع أرضه وبقرته، وآخر باع “توكتوكه”، وثالث كاد يبيع منزله لولا تدخل زوجته. طُلب من كل شخص إيداع 100 ألف جنيه للحصول على ربح يومي ثابت، ومع تأخر الأرباح في عيد شم النسيم، اختفت المنصة فجأة، وتبخر الحلم.

في أقل من 48 ساعة، اختفى المتهمان، وتوقف كل شيء، وبدأ الأهالي يشعرون بالفاجعة.

انهيار جماعي.. وتحقيقات لا تنتهي

وفقًا لمحامي الضحايا، هناك أكثر من 600 شخص خسروا ما يزيد عن 58 مليون جنيه، تم تحويلها عبر خدمات إلكترونية مثل “فودافون كاش”. ورغم تحرير مئات المحاضر، فإن المتهمين نجحوا في استخراج جوازات سفر وهربوا خارج البلاد قبل انكشاف الكارثة.

عائلات الشابين تبرأت من المسؤولية، بينما لا يزال الضحايا يبحثون عن أي بصيص أمل لاسترداد أموالهم، ويتنقلون بين أقسام الشرطة والنيابات يومًا بعد يوم.

نصب إلكتروني بأدوات تقليدية

اللافت في هذه الواقعة أن النصب الإلكتروني استخدم أدوات تقليدية لبناء الثقة: الحضور الشخصي، توزيع الأموال في العلن، استعراض الثراء، وتسويق “قصص نجاح” وهمية. لم تكن مجرد عملية احتيال رقمية عابرة، بل خطة ممنهجة استغلت كل نقاط ضعف المجتمع المحلي، خصوصًا الطمع وسهولة الانقياد خلف ما يفعله “الآخرون”.

هل نتعلم من الدرس؟

الواقعة تعكس كارثة اجتماعية واقتصادية، ولكنها أيضًا جرس إنذار لكل من يسعى وراء الأرباح السريعة دون وعي أو تحقق. فعمليات النصب الإلكتروني تتطور، لكن ضحاياها يبقون كما هم: أشخاص دفعهم الأمل، فأوقعهم الطمع.

خلاصة القول:

ما حدث في قرية الكُتامية ليس حالة فردية، بل نموذج متكرر لما يمكن أن تفعله خدعة رقمية عندما تقترن بوجوه مألوفة وثقة اجتماعية. النصب الإلكتروني اليوم لا يأتي فقط عبر الروابط والرسائل، بل أيضًا عبر “أهل البلد”، ومن لا يتعلم من الدرس قد يقع في فخ أكبر غدًا.

close