«عبد الرحمن» طفل لا يتكلم لكنه يحفظ القرآن.. يحدد السورة بمج



«عبد الرحمن» طفل لا يتكلم لكنه يحفظ القرآن.. يحدد السورة بمجرد سماع الآية

وجه بريء، ملامح هادئة، وابتسامة تتسلل إلى القلوب، يرسمها طفل صغير يتصفح بيديه الصغيرتين جهاز «تابلت» يحتفظ فيه بفهرس سور القرآن الكريم، ولا يقرأ ولا يكتب ولا يتكلم، لكنه يعرف شكل الكلمة جيدًا، وإذا سمع أي آية، يشير مباشرة إلى السورة التي وردت فيها، بدقة وسرعة لافتتين.

عبد الرحمن.. الطفل المعجزة

التقت «الوطن» أسرة عبد الرحمن تامر السيد محمد شاهين، البالغ من العمر 13 عامًا، من قرية الزرزمون بمركز ههيا في محافظة الشرقية، الذي أطلق عليه الأهالي لقب «الطفل المعجزة»، بعدما اكتشفوا أنه حفظ القرآن الكريم كاملًا رغم فقدانه للنطق، ورغم إصابته بضمور في خلايا المخ منذ الولادة، فإن الله منّ عليه بقدرة استثنائية على الحفظ عن طريق السمع، إذ يتمكن من تحديد السور التي وردت فيها الآيات بمجرد الاستماع إليها.

الأم تخلّت عن حلم المحاماة من أجل رعايته

تقول والدته، التي تخلّت عن حلمها في العمل بمجال المحاماة: «كنت أحلم بالدفاع عن المظلومين في المحاكم، لكن قررت أن أكرّس حياتي لرعاية عبدالرحمن وشقيقتيه، أطعمه بيدي، أغير له ملابسه، أتابع علاجه، وأقضي معه وقتًا طويلًا نستمع فيه إلى القرآن الكريم».
وتتابع: «لم أكن أدرك متى حفظ القرآن تحديدًا، لكني كنت أستمع إليه كثيرًا أثناء فترة حملي، وبعد الولادة كنت أُشغل القرآن طوال الوقت في المنزل، وبدأ يتجاوب معه بشكل غريب، كنا نظنه يستأنس بالصوت، ثم اكتشفنا أنه يحفظ».
وتروي اللحظة التي لا تنساها: «سجدت شكرًا لله حين رأيته يتحرك لأول مرة وعمره 7 سنوات بعد أن فقدنا الأمل»، مشيرة إلى أن طفلها وُلد طبيعيًا بوزن 4 كيلوجرامات، لكن لم يتحرك أو يجلس حتى عمر عام، فبدأت رحلة العلاج بعد اكتشاف إصابته بضمور في المخ.

الوالد: نعمة الحفظ عوضتنا كثيرًا

يقول والده تامر شاهين: «الحمد لله على نعمة حفظ القرآن الكريم، وهو لا يتكلم ولا يتحرك جيدًا، لكنه يحفظ كتاب الله، وهذه نعمة عظيمة. نأمل أن تتحسن حالته أكثر، وأن يظل قريبًا من الله».
وأضاف: «حين تلقى عبدالرحمن تطعيمات العام الأول، لاحظت الطبيبة ارتخاءً في رأسه، وطلبت فحوصات، ليتبيّن أنه تعرض لنقص الأكسجين أثناء الولادة بسبب خطأ طبي، ما سبب له الإعاقة».
ورغم الصعوبات، يؤكد والده أنه حرص على دمجه اجتماعيًا حتى لا يشعر بالعزلة، وأنه محبوب من الجميع ويتفاعل بلطف مع كل من يقابله.

تفوق في اختبارات الأوقاف وتكريم في رمضان

شارك عبدالرحمن في عدة مسابقات لتحفيظ القرآن الكريم، آخرها خلال شهر رمضان الماضي، عندما اختاره مشايخ وأئمة من وزارة الأوقاف، عبر تلاوة آيات عشوائية من سور مختلفة، فكان يحدد السور بدقة من خلال الإشارة إلى اسمها في فهرس التابلت، ونال تكريمًا بين حفظة القرآن.

إمام المسجد: يجلس في هدوء ويسلم علينا بمحبة

يقول الشيخ رجب محمد عبد الله، إمام وخطيب مسجد القرية: «عبدالرحمن معجزة من الله، يحرص على حضور صلاة الجمعة كل أسبوع، يجلس صامتًا، ثم يسلم علينا بابتسامته المحببة. اختبرته أكثر من مرة، وكان يجيب بسرعة مذهلة».
واختتم قائلًا: «قصته تذكرنا بعظمة القرآن الكريم وقدرته على تهذيب القلوب والنفوس، وتؤكد أن من حفظ الله كتابه، حفظه الله، كما أنها تبرز تضحيات الأمهات وفضلهن في غرس القيم في الأبناء».

close