المعارضة تنتقد فشل إصلاح التعليم وتكريس “الريادة” للفوارق بين المتعلمين

انتقدت المعارضة البرلمانية، أمس الإثنين بمجلس النواب، ما اعتبرت أنه فشل الحكومة في إصلاح التعليم، معتبرة أن مشروع مدرسة الريادة الذي تعكف الحكومة على تعميمه يكرس الفوارق بين المتعلمين.وفي هذا الإطار، قال حسن أومريبط، النائب البرلماني عن فريق التقدم والاشتراكية، في تعقيبه على رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية، إن “معالجة أعطاب التعليم يتطلبُ، من بين ما يتطلبُه، استقرارَ وانتظامَ وَتِيرَةِ الإصلاح، والبِناء على التراكُم. لكنكم اخترتُم تضخيمَ وتَعوِيمَ المرجعيات، فأضَفْتُم خارطة طريقٍ، وغَيَّرتُم وزيراً بوزير، لتستمر دَوَّامَةُ إصلاحِ الإصلاح… دون جدوى ولا معنى، اللَّهُمَّ ما صار يثار من تخوفات مجتمعية حقيقية حول مصير المدرسة العمومية”.وخاطب فريق التقدم والاشتراكية الحكومة بالقول: “عندما نقول لكم إن حكومتَكُم فشلت، فإننا لا نقول ذلك افْتِراءً أو تَشَفِّياًّ أو لأننا مسرورون بذلك، بل نقول ذلك بألَمٍ وحسرة، وبِحِـسِّ تنبيهي مسؤول، لأنَّه لا أحد يتمنى الفشل لحكومةِ بلاده. وهو فَشَلٌ مؤكَّدٌ ومسنودٌ بأرقامٍ رسمية، من غير المقبول التهجُّمُ عليها أو الانزعاجُ من الانتقاداتِ المرتكِزةِ عليها”.وتابع النائب عن فريق “الكتاب”: “التزمتم بتصنيف بلادنا ضمن أحسن 60 بلداً عالميا من حيثُ التعليم، لكنكم أخفقتُم في ذلك بشكلٍ ذريع، والتزمتُم بإعادة النظر في البرامج والمناهج والمقررات الدراسية؛ لكنكم لم تقتربوا من هذا الملف الإصلاحي الجوهري أبداً. والتزمتم بزيادة 2500 درهم صافية في أجرة نساء ورجال التعليم، منذ بداية مسارهم المهني، لكنكم تَنَكَّرتُم لذلك، ولم تستجيبوا إلا جزئياًّ، بعد الاستخفافِ والارتباك أمام احتجاجاتٍ تاريخية”.وأكد أومريبط أن المدرسة العمومية، في عهد هذه الحكومة “رغم المعالجة “الاضطرارية” نسبيًّا لبعض مطالب أسرة التعليم، ورغم الزيادة في ميزانية القطاع، ورغم اعتماد مدارس الريادة، كتجربةٍ لا تزالُ جنينية، ومحدودة التفعيل، وتحتاجُ إلى التقييم والتقويمِ والتطوير قبل التعميم، إلاَّ أنَّ الحكومة عموماً تبتعدُ أكثر فأكثر عن تحقيق مدرسة الجودة والتميُّز وتكافؤ الفرص”.بدوره، قال محمد أوزين، النائب البرلماني عن الفريق الحركي، إن منظومة التعليم “منظومة مكلومة تعاقبت عليها حكومات وتداولت عليها سياسات، أعطاب واختلال وتشويه واضطراب، رأسمال الشعوب هي التربية وعذاب الشعوب هو الجهل، والجهل أكثر كلفة من التعليم”.وتابع أوزين أن “من فتح مدرسة أقفل سجنا، فهل أقفلت مدارسنا أبواب سجوننا، أم اكتظت السجون بفتح المدارس وتلك الطامة الكبرى”، موضحا “إلى حدود اليوم لم نبدأ بعد في الإصلاح، فإما أننا لم نعرف طريقه أم أن إرادة الإصلاح مغيبة”.وانتقد أوزين تهميش القانون الإطار للتربية والتعليم الذي حدد الطريق السيار للإصلاح، مبرزا: “من بعد نقاش ومصادقة كل الأطياف السياسية، ظهر وزير في أغلبيتكم الحكومية بنزوة عابرة وبجرة قلم تائهة أجهزتهم على الرؤية الاستراتيجية، فاختلط لديكم السلك والمسلك فأصبحتم في تيه عن كل الأسلاك”.من جهته، أشار إبراهيم اجنين، البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إلى تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين الذي قدم، على حد تعبيره، “حصيلة كارثية عن مشروع المدارس الرائدة”.ولفت إلى أن تقرير المجلس أكد أن هذا “النموذج من المؤسسات التعليمية يكرس الفوارق ويعاني من أعطاب في الرؤية وصعوبات في التنزيل مما يجعله غير قابل للتعميم، لكن حكومتكم تمعن في تجاهل الآراء الصادرة عن المؤسسات الدستورية رغم الاختلالات التي تشل قطاع التعليم وتجعله في وضع كارثي والتي ما فتئت التقارير الرسمية تؤكد عليها”.وتابع اجنين أن “مشروع مؤسسات الريادة يعد خارج المرجعيات الدستورية والقانونية ويضرب مبدأ الانصاف وتكافؤ الفرص في ظل مؤسسات تعليمية مؤهلة وأخرى مهملة، وأساتذة بتكوين وبعدة بيداغوجية ومنح مالية وآخرون مهمشون، وتلاميذ يجتازون امتحانا وطنيا للسادس وآخرون امتحانا محليا، في مخالفة صريحة للإطار المرجعي للإشهاد وضرب لمبدأ التوحيد”.وتابع أن هناك “حصيلة مقلقة تؤكد فشل مشروع الريادة حيث أن 30% من تلاميذ التعليم العمومي فقط يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمال التعليم الابتدائي، و 10 فقط من التلاميذ يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمال التعليم الإعدادي كما أن المعطيات تعتبر صادمة حيث تؤكد انقطاع 2544 تلميذا وتلميذة عن الدراسة في 232 إعدادية تجريبية بالمغرب منذ بداية الموسم الدراسي 2025/2024”.وبدوره أورد محمود عبا، عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، أنه “ينتابنا شعور بالقلق من حالة الإنكار الجماعي لمكونات الحكومة للوضع الذي تتخبط فيه منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بفعل توالي الإصلاحات والمخططات والبرامج المتعددة دون أن يكون لذلك أثر فعلي ودائم على القطاع”.واسترسل عبا إن “الصورة الوردية التي تقدمونها اليوم وتحاولون تأثيثها بأرقام معزولة عن سياقها، هي في الحقيقة مرآة عاكسة لعجزكم الواضح في تنزيل مقتضيات القانون 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي”.وواصل عبا بالإشارة إلى “سوء تدبير زمن الإصلاح والمعيقات البنيوية لمنظومتنا، والمتمثلة أساسا في ضعف نجاعة المدرسة العمومية وغياب تكافؤ الفرص بين المتعلمين ومحدودية تأثير الإصلاحات وتراجع الثقة في المدرسة العمومية وضعف اندماج التعليم في محيطه الاجتماعي والاقتصادي”.

close