انتهى موسم رمضان ٢٠١٦ وانتهى معه واحد من أنجح مسلسلات النجم الكبير عادل إمام «مأمون وشركاه».. كنت ضيفاً جديداً على جريدة «الوطن» واستهلكتنا السياسة فى مقالات الأسابيع التى مرت، وأقف أمام فرصة جيدة للكتابة خارج الإطار الذى تحاصرنا فيه الأحداث.
عادل إمام مناسبة جيدة.. هو فى ذاته حدث لا يحتاج إلى مناسبة لفنان استثنائى ينفرد على قمة التألق الفنى ولنصف قرن متصل.. الحيثيات عديدة لنجم لم ينفصل عن قضايا وطنه، أجاد ببراعة إدارة نفسه بعبقرية فذة، يعرف متى يقدم الكوميديا للضحك ومتى يقدمها لينقد المجتمع ومتى يبتعد عنها على الشاشة لجمهوره، الذى دفع ثمن تذكرة السينما فى مجازفات محسوبة، ثم متى يقدم عملاً للمسرح ومتى ينهيه، ومتى يقدم للتليفزيون عملاً جديداً يظل على نتائجه سنوات قبل أن يفكر فى عمل آخر.. يعرف متى يحل ضيفاً على فضائية ومتى يشارك فى ندوة ومتى وأين وكيف يقبل التكريم من بلد أو مؤسسة أو جهة ما.. يعرف من يصادق ومتى يقطع صلته بشخص ما، وشكل «الشلة» التى ينتمى إليها وأين يجلس معها، مع ضوابط صارمة يلتزم بها حتى التزم بالخروج لجمهوره على المسرح كل ٢٣ يوليو، قبل بداية أى عرض ليحيى الثورة المجيدة فى ذكراها السنوية! يعرف كيف يتحدى الإرهاب وعلى طريقته المباشرة الجريئة كيف يواجهه ويعرف متى يتحدث أصلاً ومتى يصمت حتى فيما يخصه ليقول أكثر وأكثر دون أن يتكلم!
وهكذا. وجدت نفسى متأملاً تلك الحالة النادرة التى تحقق هذه الأيام -وقتئذ يعنى- نجاحاً مبهراً كان المسلسل حديث رمضان وحديث ما بعد رمضان متفوقاً على أعمال كثيرة ليظل حتى بعد اللجوء إلى الدراما التليفزيونية بعمل كل عام على قمة النجاح محققاً أعلى إيرادات فى بيع المسلسلات التليفزيونية وأعلى عائد إعلانى!
وبعيداً عن قصة العمل ومؤلفه الذى اختاره «إمام» ضمن ثنائيات عديدة شكلت مشواره وظفهم جميعهم أيضاً ليحقق معهم وبهم مشواره المدهش.. من سمير خفاجى إلى فاروق صبرى ومن سمير عبدالعظيم إلى وحيد حامد ومن لينين الرملى إلى يوسف معاطى فى إدارة للذات لم يحققها مثله!
كان ذلك تأملاً طويلاً.. انتهى إلى مقال.. ثم كان العنوان المستوحى من المسلسل «عادل إمام وشركاه».. أضفنا فيه إلى كل ما سبق دور الأب الذى استفز الموهبة ودور السيدة الجليلة هالة الشلقانى التى لعبت فى حياة زوجها دوراً أسطورياً اختارت معه أن تكون فى الظل.. رغم الأضواء الكبيرة التى حولها وحول رفيق حياتها.. ثم اختارت أن تكون أسرة ندعو الله لها بدوام الاستقرار والنجاح.. ودور الأبناء ونجاحهم المهنى والعائلى.
ثم ناقشنا دور الشقيق الذى ألقى عليه شقيقه النجم مسئوليات كبيرة كان على قدرها تماماً، وكان عند حسن الظن به.. فى حالة بر وترابط أسرى رائع لا مفر من تقديره واحترامه وتمنى استمراره والدعاء لأصحابه!
أرسلت المقال وسافرت إلى الشمال.. الإسكندرية ساحرتى الرائعة التى لا راحة إلا فيها.. نشر المقال.. وفى صباح يوم صدور العدد وإذ برقم غريب لا أعرفه يخطرنى الهاتف برسائل خاصة أنه يطلبنى.. الرقم غير مسجل ولا أعرفه وربما أحد المسوقين لشركات عقارات أو تأمين ولا وقت لهم.. إنها أيام قليلة نسرقها لأنفسنا كل عام ولا وقت لمثل ذلك.. وفجأة تجد إلحاحاً من هاتف الزميل العزيز الكاتب المرموق محمد المعتصم.. حدثته. ليصرخ.. أين أنت.. الفنان عادل إمام يبحث عنك.. وسيطلبك فافتح هاتفك.. على الأقل الساعة القادمة.. كان معتصم يعرف عادتى فى تحويل الهاتف طوال اليوم وكل أيام الأسبوع، حيث باتت الأغلبية لا تتحدث معى إلا عبر «الواتس آب». تذكرت الرقم الذى يتصل كثيراً منذ الصباح.. معقول هذا رقم عادل إمام؟ أم أن ذكاءه أيضاً فى اختيار رقم هاتف عادى ليس سهلاً حفظه.. قلت لا مشكلة.. فتحت الهاتف. وكأن صاحب الرقم يرانى.. جرس الهاتف يدق.. وإذا بالنجم الكبير عادل إمام بصوته المميز وحوله أصوات توحى أن أسرته بجانبه يصرخ: يا أستاااذ أحمد!
وللحديث بقية