اتفق خبراء التعليم، على أهميَّة قرار وزارة التعليم، بتدريب المعلِّمين قبل مباشرة العمل في الفصول، وذلك للمرَّة الأولَى؛ بهدف تعزيز جودة التعليم، وتقليل الفجوة بين النظريَّات والتطبيقات العمليَّة، وتتمثَّل الفوائد الأساسيَّة لهذا النهج في تحسين مستوى أداء المعلِّمين، حيث يتيح لهم التدريب المسبق فرصة لفهم المناهج، وتطوير إستراتيجيَّات التدريس، والتعرُّف على إدارة الصف.من جهته أكَّد المعهد الوطني للتطوير المهنيِّ التعليميِّ إنهاء كافَّة الاستعدادات، بالتعاون مع 6 جامعات محليَّة وعالميَّة، ومعاهد دوليَّة؛ لبدء البرنامج التدريبيِّ لأوَّل دفعة، وعددها 10494معلِّمًا ومعلِّمةً، اعتبارًا من صفر المقبل.تعزيز جودة التعليمفي البداية قال الدكتور عبدالرحمن بن محمد الزهراني: يُعدُّ تدريب وتأهيل المعلِّمين الجُدد قبل مباشرتهم المهنة خطوةً رائدةً في مجال التعليم، ودلالةً واضحةً على اهتمام وزارة التعليم بالنهوض بهذا القطاع، الذي يُعدُّ القاعدة الأساسيَّة في بناء الدولة، وذلك من خلال تخصيص سنة دراسيَّة كاملة لتدريب المعلِّمين الجُدد، وتأهيلهم مهنيًّا، بدلًا من الاعتماد على فترة التدريب الميدانيِّ، أو ما يُسمَّى التربية العلميَّة.ويُعدُّ هذا القرار، وسيلةً لتعزيز جودة التعليم، وتقليل الفجوة بين النظريَّات والتطبيقات العمليَّة، وتحقيق استدامة في الكفاءات التربويَّة، كما يعزِّز الثقة بالنفس، ويقلل من التوتر الذي قد يواجهه المعلِّمون الجُدد عند بدء العمل؛ ممَّا يترتَّب عليه بيئة تعليميَّة أكثر استقرارًا وفعاليَّةً.ودوليًّا، تشير تجارب دول مثل فنلندا، وكندا، إلى أنَّ برامج التأهيل المسبق للمعلِّمين تُسهم بشكل كبير في تحسين أداء الطلاب، وتقليل معدَّلات التسرُّب، إذ يركز البرنامج على التدريب العمليِّ والميدانيِّ، بالإضافة إلى التدريب النظريِّ، وفي فنلندا، يُعدُّ إعداد المعلِّم، من خلال برامج مدتها عام كامل، من الركائز الأساسيَّة لنظام التعليم الناجح، حيث يُنظر إليه كاستثمار في جودة التعليم على المدى الطويل. خفض معدل الإحباط والاستقالاتأمَّا الأستاذ الدكتور عائشة بليهش محمد البليهشي «خبيرة تقنيات التعليم» فقالت: هذه خطوة تاريخيَّة وغير مسبوقة، تهدف إلى إكساب المعلِّمين الجُدد مجموعة متكاملة من المهارات، تشمل الفهم العميق لسياسات التعليم، والتخطيط الفعَّال للدروس، واستخدام أدوات التقويم الحديثة، إلى جانب تدريبهم على تقنيات التعليم الرقميَّة، وإدارة الصفوف الدراسيَّة، وتعزيز القيم المهنيَّة والأخلاقيَّة التي تُعدُّ أساس العمل التربويِّ.وأضافت: إنَّ تخصيص عام دراسيٍّ كامل لتأهيل المعلِّمين الجُدد، نقلة نوعيَّة، ومؤشر على التحوُّل نحو احترافيَّة التعليم.فالمعلِّم لم يعدْ مجرَّد ناقل للمعلومة، بل مهندس للتعلُّم، وميسَّر لبناء شخصيَّة الطالب.ولفتت أن من أبرز الانعكاسات الإيجابيَّة لهذا القرار، أنَّه سيقلِّل من معدَّلات الإحباط، والاستقالات المبكِّرة، في أوساط المعلِّمين الجُدد، كما سيسهم في خلق بيئة تعليميَّة مستقرَّة، وأكثر فاعليَّة داخل المدارس.وهي مقاربة معمول بها في كثير من الأنظمة التعليميَّة المتقدِّمة مثل: فنلندا، وسنغافورة، حيث يُعدُّ التعليم من أكثر المهن حساسيَّةً وتأثيرًا على مستقبل الأجيال.ورأت الدكتورة عائشة، أنَّ الخطوة سيكون لها بالغ الأثر في تحسين جودة التدريس، عبر منح المعلِّمين الفرصة لصقل مهاراتهم قبل تحمُّل مسؤوليَّاتهم الكاملة داخل الصفوف الدراسيَّة، وتعزيز ثقة المعلِّمين الجُدد من خلال التجربة الميدانيَّة، والتفاعل المباشر مع الطلاب.من جانبه، قال الدكتور محمد عيضة الثقفي «مشرف تربوي لمادة اللغة العربيَّة بتعليم الطَّائف -سابقًا-» : ينبغي للمعلِّم أنْ يهيِّئ نفسه، ويتخيَّل موقفه أمام الطالب، ودخوله للمدرسة، وللفصل، وأمام المعلِّمين، حتَّى لا يتفاجأ بموقف طارئ ومفاجئ، فلا يستطيع التعامل معه.أمَّا التحضير الذهني فيعني أنَّ المعلِّم يقرأ مادَّته جيدًا، ويكتشف ثغرات صعوبة الدرس، وتعلُّم القدوة السلوكيَّة، والتحدُّث أمام الطلاب بلغة واضحة، وأفكار متسلسلة.كما تعزِّز قدرته على تنمية المهارات اللغويَّة في اللُّغة العربيَّة، مثل: القراءة، والكتابة، والتحدُّث، والاستماع، والإعراب، والإملاء، وحُسن الخط، وكيفيَّة زرع الدافعيَّة لدى الطلاب لحبِّ التعلُّم، ومراعاة الفروق الفرديَّة، وتشجيع المتفوِّق، وزرع الثقة والاهتمام بالضعيف.معهد تطوير المعلِّمين: تنفيذ البرنامج في صفر المقبلمن جهته، أكَّد المعهد الوطني للتطوير المهنيِّ التعليميِّ، إنهاء كافَّة الاستعدادات، بالتعاون مع 6 جامعات محليَّة وعالميَّة، ومعاهد دوليَّة؛ لبدء البرنامج التدريبيِّ لأوَّل دفعة، وعددها 10494معلِّمًا ومعلِّمةً، اعتبارًا من غرَّة صفر المقبل.وسيكون اجتياز البرنامج شرطًا لممارسة المهنة، وهو تنظيم معتمد، وسيتم الاستمرار فيه خلال السنوات المقبلة؛ لرفع الكفاءة المهنيَّة للمعلِّمين؛ ممَّا سينعكس بالإيجاب على الميدان التعليميِّ.ولفت المعهد، أنَّ البرنامج يتضمَّن العديد من المهارات النظريَّة والعمليَّة التي تتواكب مع أحدث الممارسات العالميَّة لتدريب وتأهيل المعلِّمين، قبل ممارسة المهنة، كما سيشتمل على تدريب عمليٍّ في المدارس تحت إشراف خبراء متخصِّصين في هذا المجال.