جريدة الرياض | «الجودة الورقية» تثقل كاهل مؤسسات التعليم وتشتت أعضاء هيئة التدريس

أكثر من مليوني متقدم يخفقون في الرخصة المهنية التعليمية

«الجودة الورقية» تثقل كاهل مؤسسات التعليم وتشتت أعضاء هيئة التدريس

د. مشعل السلمي يرأس الجلسة 27

576 ألف رخصة مهنية تعليمية أصدرت من إجمالي المختبرين من المعلمين والمتقدمين للوظائف التعليمية وعددهم تجاوز 2.9 مليون حسب التقرير السنوي لهيئة تقويم التعليم والتدريب للعام المالي 45 – 1446، هذه النتيجة كانت محل نقاش في جلسة الشورى الـ27 التي عقدت مؤخراً برئاسة د. مشعل فهم السلمي نائب رئيس مجلس الشورى، كما برزت تساؤلات عن أسباب تأخر مؤسسات التعليم العالي في التقدم للاعتماد المؤسسي والبرامجي.

ويرى عضو في الشورى أن المتبع حالياً في هذا الشأن يركز على توفير العديد من الوثائق والتقارير والمستندات التي قد لا تعكس فعليًا جودة العملية التعليمية، بل أصبحت عبئا يثقل كاهل المؤسسات التعليمية وأعضاء هيئة التدريس، حيث يتطلب تجهيزها وتوفيرها كثيرا من الجهد من أعضاء هيئة التدريس في كل فصل دراسي مما يشتت انتباههم ويصرفهم عن التركيز على تحسين المخرجات التعليمية والرفع من معارف الطلاب ومهاراتهم.

وفيما بين التقرير أن عدد البرامج الأكاديمية التي لديها اعتماد وطني أو دولي 750 برنامجا بما يمثل 26 % من إجمالي البرامج الأكاديمية، واعتبر عضو شورى أن هذه نسبة ضعيفة جدا تحتاج من الهيئة إلى وقفة ودراسة بالتنسيق مع مجلس شؤون الجامعات.

جودة مؤسسات وبرامج التعليم والتدريب بمدارس التعليم الأهلي.. المتحقق 3 من 100..!

حصر الرخصة على المعلم الجديد

“الرياض” تتناول في هذا التقرير أبرز مداخلات ومداولات وملحوظات أعضاء الشورى بشأن تقرير هيئة تقويم التعليم والتدريب وتقرير لجنة التعليم والبحث العلمي وتوصياتها بشأنه الذي تلاه د. مصلح الحارثي رئيس اللجنة، فيقول د. حسن الحازمي “إن 2.324 مليون من المختبرين من المعلمين و المتقدمين للوظائف التعليمية لم يجتازوا اختبار الرخصة المهنية ولم يتمكنوا من الحصول عليها وهذا العدد الكبير يحتاج من الهيئة دراسة الأمر مع وزارة التعليم ومع مجلس شؤون الجامعات والبحث عن حلول”.

وأشارت د. عائشة عريشي إلى أنه صدرت للمجتازين 576 ألف رخصة مما يعني أن نسبة من اجتازوا 19 % وهذه النسبة المتدنية تحتاج وقفة من الهيئة لمراجعة الأسباب واقتراح الآليات للتحسين وتطوير الإجراءات بما يسهم في رفعها.

وتابعت عريشي بقولها: إن 60 % من المعلمين على رأس العمل حصل على الرخصة (369 ألف معلم)، وهي أيضا نسبة متدنية كونها ترتبط بمن أمضوا في سلك التعليم سنوات، ونبهت عضو المجلس “الملاحظ أن الرخصة المهنية أصبح التفكير بها عبء للمعلمين والمعلمات”، حيث تستقطع الكثير من الوقت لتمكينهم من الحصول عليها، بل إنه رافق ذلك نشاط سوق الدورات التدريبية المدفوعة الثمن وتعدد المنصات الرقمية التي تهتم بعرضها، وإن كانت هذه الظاهرة باعتقادي -والحديث لعريشي- هي ظاهرة صحية تسهم في تطوير مهارات المعلمين والمعلمين إلا أنها قد تشغلهم بطريقة غير مباشرة عن الهدف الأهم وهو كفاءة العملية التعليمية للطلاب، واقترحت د. عريشي مراجعة اشتراط الرخصة المهنية للمعلمين والمعلمات ممن هم على رأس العمل، وحصر الرخصة كمتطلب للمتقدمين على وظيفة معلم، وذلك لكونها أداة مقننة لقياس مدى تحقق المعايير التربوية العامة والتخصصية للمتقدمين.

26 % فقط..!

وعوداً على مداخلة د. الحازمي فنسبة المعلمين الحاصلين على رخصة مهنية على رأس العمل في المدارس الحكومية 60 % أو 70 % وهي نسبة ضعيفة ويفترض أن تناقش هيئة تقويم التعليم والتدريب هذا الأمر مع وزارة التعليم وتبحثان معا عن حلول لها، وفيما بين التقرير أن عدد البرامج الأكاديمية التي لديها اعتماد وطني أو دولي 750 برنامجا بما يمثل 26 % من إجمالي البرامج الأكاديمية، اعتبر د. الحازمي أن هذه نسبة ضعيفة جدا تحتاج من الهيئة إلى وقفة ودراسة بالتنسيق مع مجلس شؤون الجامعات، وقال إن الهيئة تنبهت لذلك وذكرت ذلك في التحدي الأول من التحديات التي تواجهها وهو تأخر مؤسسات التعليم العالي في التقدم للحصول على الاعتماد المؤسسي والبرامجي، أو تأخر تجديده، أو تأخر تقديم المتطلبات اللازمة لإتمام عملية الاعتماد، وذكرت الحل المقترح وهو صدور توجيه يلزم مؤسسات التعليم العالي بالحصول على الاعتمادين المؤسسي والبرامجي من الهيئة أو من الجهات التي ترخصها الهيئة، وأكد عضو الشورى إن مهمة الهيئة لا تنتهي فقط عند إجراء التقويم، بل إنها حين تجد مشكلة قائمة تعطل سيرها يجب أن تدرسها وتبحث مع الجهات المعنية عن حلول لها لأن هدفها من عملية التقويم هو تحسين الأداء وتطويره.

وأضاف: وأنا أعتقد أن كثرة الاعتمادات المشروطة أو رفض منح الاعتماد ربما كان السبب في تأخر الجامعات أو إحجامها عن السعي الحثيث للحصول على الاعتماد المؤسسي والبرامجي، وهي مشكلة قائمة يجب أن تدرس ويبحث لها عن حلول، لأن أثرها ليس فقط على الجامعات وإنما ينسحب على خريجيها وعلى تطور التعليم الجامعي.

واقترح د. الحازمي على لجنة التعليم والبحث العلمي في المجلس توصية تدعو هيئة تقويم التعليم والتدريب بالتنسيق مع مجلس شؤون الجامعات لدراسة أسباب تأخر الجامعات في الحصول على الاعتماد المؤسسي والبرامجي والبحث عن حل لهذه المشكلة بصورة تمكن الهيئة من القيام بمهماتها وتعيين الجامعات في الحصول على الاعتماد لبرامجها الأكاديمية.

انخفاض الترخيص للمدربين

وأبرز التقرير السنوي لهيئة تقويم التعليم والتدريب انخفاض نسبة ترخيص المدربين 29 %، وقالت د. عريشي: ذكر ضمن التحديات -التقرير- عدم وجود أداة نظامية، وأن متطلبات الترخيص جاهزة ولكن لم يتم إقرار المقابل المالي من قبل مركز تنمية الإيرادات غير النفطية، وترى أن الأمر يتطلب التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص لإيجاد أداة نظامية تضمن إلزام المدربين بالحصول على الرخص المهنية للتدريب قبل ممارسة مهامهم التدريبية.

وأشار التقرير إلى أن المستهدف لمؤشر تعزيز تميز وجودة مؤسسات وبرامج التعليم والتدريب، فيما يتعلق بعدد مدارس التعليم الأهلي التي تم اعتمادها على مستوى مختلف المراحل الدراسية 100 والمتحقق ثلاثة فقط، كما أن مؤشر قياس نسبة برامج التعليم العالي المعتمدة متأخر عن المسار (المتحقق 26 %) من المستهدف 33 % بخط أساس 14 %.

وأضافت عريشي: ضمن تحديات الهيئة عدم وجود مقرات مهيأة للاختبارات الرقمية، الأمر الذي يتطلب دعم الهيئة في هذا المجال وتمكينها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة من التوسع في المقرات النموذجية من خلال نظام المنافسات والمشتريات.

استراتيجيات الاعتماد والمعايير الورقية..!

واقترح د. مفلح القحطاني على تقوم هيئة تقويم التعليم والتدريب بإعادة تقييم استراتيجيات الاعتماد البرامجي وآلية تقييم البرامج الأكاديمية، داعياً إلى التركيز على تحسين الجودة الحقيقية للمخرجات بدلاً من التركيز على توفر المعايير الورقية، وقال: ذكر في التقرير أن من التحديات تأخر مؤسسات التعليم العالي في التقدم للاعتماد المؤسسي والبرامجي وأشير إلى أن الدعم المطلوب هو صدور توجيه بإلزامية حصول مؤسسات التعليم العالي على الاعتمادين المؤسسي والبرامجي من الهيئة أو من الجهات التي تعتمدها الهيئة، ونبه القحطاني أن هذا القول محل نظر فنظام الجامعات في المادتين 41 و42 ألزم مؤسسات التعليم العالي بالحصول على الاعتماد الأكاديمي المؤسسي والبرامجي، كما ألزمت اللائحة المنظمة للدراسات العليا في الجامعات في مادتها الخامسة الجامعات بالحصول على الاعتماد البرامجي وإيقاف القبول في أي برنامج لا يحصل على الاعتماد البرامجي خلال سنتين من تاريخ تخرج أول دفعة وبالتالي فهناك أهمية الى إضافة توصية تعالج التركيز الحالي على ما يمكن تسميته (بالجودة الورقية) فالوضع المتبع حاليا يركز على توفير العديد من الوثائق والتقارير والمستندات التي قد لا تعكس فعليًا جودة العملية التعليمية، بل إنها أصبحت عبئا يثقل كاهل المؤسسات التعليمية وأعضاء هيئة التدريس، حيث يتطلب تجهيزها وتوفيرها كثيرا من الجهد من أعضاء هيئة التدريس في كل فصل دراسي مما يشتت انتباههم ويصرفهم عن التركيز على تحسين المخرجات التعليمية والرفع من معارف الطلاب ومهاراتهم، فآليات الاعتماد الأكاديمي البرامجي الحالية تركز على تحقيق الأهداف النظرية بدلاً من قياس الأداء الفعلي للخريجين في سوق العمل، كما أنها تحد من الابتكار والمرونة وخاصة في مجال الدراسات العليا مما يؤدي إلى التقليد وعدم تكيّف مؤسسات التعليم العالي مع التوجهات الحديثة في التعليم مما يتطلب من هيئة تقويم التعليم والتدريب الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال والتي تعتمد على نماذج تقييم تركز على نتائج التعلم وتفاعل الطلاب مع المحتوى وتستخدم معايير مرنة تمكن الجامعات من الابتكار وتحقيق الجودة من خلال تقييم فعلي للمخرجات.

تساؤلات عن أسباب تأخر الجامعات في الحصول على الاعتماد المؤسسي والبرامجي..؟

كفايات للأستاذ الجامعي

طالب د. عبدالله نضال عداس ببناء إطار وطني لكفايات عضو هيئة التدريس كمعلّم جامعي، يُعد مرجعية لاعتماد البرامج وتأهيل المعينين الجدد، وضمان جودة العملية التعليمية في مؤسسات التعليم العالي، ودعا هيئة تقويم التعليم والتدريب، التنسيق مع الأمانة العامة لمجلس شؤون الجامعات في هذا الشأن.

ويرى عداس أن أهداف الهيئة ومراكزها وجهودها ونماذج الاعتماد الأكاديمي المعتمدة من الهيئة، تغيب أي أدوات حقيقية لتقويم جودة العملية التعليمية ذاتها، وتحديدًا فاعلية عضو هيئة التدريس كمعلّم جامعي إذ لا تتوافر حاليًا أدوات مؤسسية لتقويم كفاءته التدريسية، أو مدى استخدامه لإستراتيجيات التعليم النشط، أو تطويره للبيئة الصفية، أو تكيفه مع اختلاف أنماط التعلم لدى الطلاب، بينما يتضح أن منظومة التقويم ترتكز بعمق على الطالب كمحور أساسي في مخرجات التعلم، ومؤشرات الأداء، ونتائج الاختبارات.

د. حنان الأحمدي

د. مصلح الحارثي

close