وهكذا تم تثبيت الجدول النهائي للدوري الإنجليزي الممتاز لموسم (2024 – 2025) وحفظ في السجلات، وهو سيناريو يحمل في طياته وزناً أكبر بكثير مما قد توحي به هذه العبارة البسيطة، فلم يصدر الحكم “الوشيك” في قضية مانشستر سيتي، بالتالي لن تلمس تداعياته، أياً كانت، حتى الموسم المقبل.
ولا يزال من اللافت أننا لا زلنا ننتظر، إلا أن ذلك يتماشى في النهاية مع موسم باهت إلى حد كبير، وكثيراً ما بدا وكأنه يجر نفسه ببطء، وحتى الحرب الأهلية القصيرة التي اندلعت بسبب قضية “معاملات الأطراف المرتبطة” الخاصة بمانشستر سيتي قد تلاشت، وتركت المشاعر جانباً في انتظار “المعركة الكبرى”، بينما كان ليفربول يشق طريقه بسهولة نحو لقبه الـ20 في الدوري العليا من كرة القدم الإنجليزية.
فوز النادي الإنجليزي الأكثر تتويجاً باللقب رقم “20” سيكون الإرث الأبرز لموسم (2024 – 2025)، إلى جانب الانهيار الصادم لحامل الأرقام القياسية الآخر مانشستر يونايتد.
وهناك دروس يمكن استخلاصها من ذلك أيضاً. فإلى جانب ما أظهره آرني سلوت من قدرة على تنفيذ خطة خلافة ناجحة، حتى على المستوى العاطفي، كانت هناك أيضاً الجوانب العلمية في الأمر.
أحد العوامل الكبرى في فوز ليفربول تتمثل في حفاظهم على لياقة أفضل لاعبيهم، وعلى رأسهم محمد صلاح وفيرجيل فان دايك. وقد يبدو هذا أمراً بديهياً، لكنه منحهم أفضلية هائلة على الجميع، وخصوصاً على المنافسين الذين تأثروا بفوضى التقويم الأوروبي الجديد، إذ لم يتمكن أرسنال من الصمود أمام غياب عدد من لاعبيه الأساسيين في لحظات حاسمة.
لم يكن ذلك محض حظ على الإطلاق، فليفربول هو الفريق الأفضل من حيث الإعداد البدني، وهو ما منحهم أفضلية حاسمة، ويعرف عن مدرب أقرب منافسيهم، ميكيل أرتيتا، أنه كان يتابع هذا الجانب باهتمام.
ومن المحتمل في الأقل أن يعد موسم (2024 – 2025) نقطة تحول بهذا المعنى، إذ بدأت الأندية تدرك أخيراً أهمية أن تكون “مدفوعة بالأداء”. وبمعنى آخر، أن تتخذ جميع القرارات الكبرى بناء على العلم والبيانات. وقد يتزامن ذلك مع تطورات أخرى، مثل الميل نحو مدربين أقل تطلباً من الناحية البدنية، وأكثر استعداداً للعمل ضمن مثل هذه الأنظمة، إضافة إلى تحول في اتجاه كرة القدم نحو نهج أكثر براغماتية.
ربما يكون عصر الأيديولوجيين (أصحاب الفلسفة الكروية الصارمة) قد شارف على نهايته، مع سعي مدربين مثل مدرب بورنموث أندوني إراولا إلى إفساح المجال أمام اللاعبين للتعبير الفردي بشكل أكبر داخل الخطط التكتيكية.
على رغم أن كثيراً من هذا قد تم تصويره على أنه رد على “لعبة التمركز” التي يعتمدها بيب غوارديولا، فإن الأخير لم يختف عن المشهد، فلم يمر مدرب مانشستر سيتي بما يمكن وصفه بـ”موسم مورينيو”، بحسب الوصف الماكر لأنطونيو كونتي.
فبعد أزمة شتوية غير مسبوقة، أنفقت إدارة النادي ما يقارب ربع مليار جنيه استرليني (319.95 مليون دولار) لضمان التأهل لدوري أبطال أوروبا، وقد تحقق لهم ذلك في النهاية، وبشيء من الراحة.
ويوضح ذلك أحد الأسباب التي جعلت هذا الموسم لا يشهد في النهاية صعود “الطبقة الوسطى” من الأندية، على النحو الذي أثيرت حوله كثير من التوقعات المتحمسة على مدار أشهر طويلة.
فقد تراجع كل من برايتون وبورنموث ونوتينغهام فورست في نهاية المطاف، بينما تعثر أستون فيلا في اللحظات الأخيرة، مهدراً فرصة ذهبية لضمان التأهل لدوري أبطال أوروبا، على رغم من التأثير المثير للجدل لحكم المباراة توماس برامل.
والحقيقة أن الفرق الستة التي تأهلت في نهاية المطاف إلى دوري أبطال أوروبا تضم خمسة من الأعضاء السابقين في مشروع دوري السوبر الأوروبي، أما الفريق السادس فهو مملوك لدولة.
ومع ذلك كان هناك قدر من التحدي والعاطفة في تتويج فريق نيوكاسل يونايتد بلقب كأس الرابطة الإنجليزية المحترفة (كأس كاراباو)، وهو ما يشير إلى أن البطولات الإقصائية كانت هي التي احتفظت بمعظم لمحات الرومانسية الكروية هذا الموسم.