مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان.. منظومة عقابية بمفهوم حديث

تبنت وزارة الداخلية تطبيق سياسة عقابية حديثة تهدف إلى تأهيل المحكوم عليهم مهنيًا، واجتماعيًا، وصحيًا، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتطبيق استراتيجية الحفاظ على حقوق الإنسان، من خلال إنشاء مراكز إصلاح وتأهيل بدلًا من السجون التقليدية، بما يضمن الحفاظ على كرامة المحكوم عليه أثناء قضاء فترة العقوبة، وإعداده ليعود فردًا صالحًا في المجتمع.ويُعد مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان ثالث مراكز الإصلاح التي أُنشئت وفق أحدث التقنيات العالمية، بعد مركزي وادي النطرون وبدر.افتتاح المركزفي يوم 21 مارس 2023، تم افتتاح مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان، وقد حاز على إشادة واسعة من قبل الزوار، من نواب، ومنظمات حقوقية، وأعضاء النيابة العامة، وإعلاميين وصحفيين، لما رأوه من إمكانات متطورة وغير مسبوقة تُكمل منظومة التطوير التي بدأتها وزارة الداخلية.بنية تحتية وتقنيات حديثةاستغرقت عملية إنشاء المركز نحو عام كامل وفق خطة مدروسة، تم خلالها اعتماد أحدث النظم التكنولوجية، وفي ذات الوقت، قامت وزارة الداخلية بإغلاق 15 سجنًا عموميًا قديمًا، في إطار خطة شاملة لتطوير المنظومة العقابية.بيئة إنسانية للنزلاء والزواروحرصت الوزارة على تخصيص أماكن انتظار مناسبة لأهالي النزلاء، لتمكينهم من زيارة ذويهم في الأوقات المحددة، بما يعكس مستوى التخطيط والدقة في التصميم، إلى جانب تمركز قوة تأمين تقوم بدور محوري في الحفاظ على الانضباط وضمان أعلى مستويات الحماية.عنابر حديثة للنزلاءأما عن عنابر النزلاء، فقد جهّزت وزارة الداخلية عنابر متطورة للرجال والسيدات، تضم ستة عنابر تم تزويدها بأسِرّة وشاشات تليفزيون تُعرض من خلالها برامج دينية وتوعوية، إلى جانب توفير ساحات تريض وتهوية تضمن بيئة صحية للنزلاء، وتسهم في تحسين حالتهم النفسية والجسدية.وفي قلب هذا المبنى الحديث، برزت أماكن العبادة التي تؤكد على احترام المعتقدات الدينية للنزلاء، حيث تم إنشاء مسجد مخصص لأداء الشعائر الإسلامية، وكنيسة لأداء الشعائر المسيحية، مع تنظيم ندوات دينية تُعقد من حين لآخر لتوعية النزلاء وحمايتهم من الأفكار المتطرفة، وتأهيلهم دينيًا بما يعزز فرص اندماجهم الإيجابي بعد انقضاء فترة العقوبة، كما تم إنشاء مكتبة للقراءة والتثقيف، ومكان مخصص لتلقي الدروس لاستكمال الدراسات التعليمية داخل المركز.وفي إطار السعي إلى إعادة تأهيل النزلاء مهنيًا، أنشأت وزارة الداخلية عددًا من الورش والمصانع داخل المركز، منها مصنع للملابس مقام على مساحة تقرب من فدان، ومصنع لصناعة الأخشاب، إضافة إلى ورش متخصصة في الرسم والتطريز، ومكان مخصص لتعليم الموسيقى واكتشاف ورعاية المواهب، وذلك في إطار منظومة متكاملة تستهدف تطوير مهارات النزلاء.مشروعات صناعية وحيوانية وداجنة وزراعيةوعلى مستوى المشروعات الإنتاجية، نفذت الوزارة عددًا من المشروعات الصناعية والحيوانية والداجنة والزراعية، منها الزراعة المكشوفة والصوب الزراعية، بهدف تحقيق منظومة إنتاجية متكاملة تُسهم في تلبية احتياجات المركز من الغذاء وفقًا لأحدث المعايير العالمية، وفي الوقت ذاته تأهيل النزلاء لتعلم حِرف ومهارات جديدة توفر لهم مصدر دخل يمكنهم التصرف فيه بحرية، كما يتم طرح هذه المنتجات في منافذ قطاع الحماية المجتمعية بأسعار مخفضة لتخفيف الأعباء عن المواطنين، ودعم الدخل المادي للنزلاء.منظومة طبية متكاملةوفي إطار توفير الرعاية الصحية، أولت وزارة الداخلية اهتمامًا بالغًا بالمنظومة الطبية داخل المركز، حيث تم إنشاء وحدات طبية مركزية متخصصة وفق أحدث النظم، منها وحدة لجراحة المخ والأعصاب، ووحدة لجراحة القلب والصدر، أسوة بالمركز الطبي في وادي النطرون وبدر، ووحدة لصحة المرأة بالمركز الطبي ببدر، ووحدة للعناية بالحروق بالمركز الطبي بـ 15 مايو، ووحدة لعلاج الأورام وتجهيز العلاج الكيماوي بمركز أخميم في سوهاج، إلى جانب وحدة للأمراض المعدية والمتوطنة بطاقة استيعابية 13 سريرًا في المركز الطبي بالعاشر من رمضان، مع توفير صيدلية وغرفة عمليات مجهزة بأحدث الإمكانيات، بما يضمن تقديم رعاية طبية متكاملة للنزلاء.قاعات محاكم داخليةولم تغفل الوزارة جانب العدالة، حيث تم إنشاء قاعات محاكم داخل مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان، لتسهيل عرض المحكوم عليهم أمام القضاء دون الحاجة لنقلهم خارجيًا، وقد تم تجهيز هذه القاعات وفقًا لأحدث التقنيات، بما يحقق سرعة الفصل في القضايا وتوفير الوقت والجهد.وفي النهاية، يتضح أن مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان يمثل نموذجًا جديدًا لمنظومة العقوبات في مصر، يجمع بين الحزم في تنفيذ القانون، والرحمة في إعادة تأهيل الإنسان، ليعود إلى مجتمعه قادرًا على بناء حياة جديدة، بعيدة عن الجريمة والانحراف.

close