ارتفاع مصاريف الجامعات الخاصة في مصر.. هل أصبح التعليم الجامعي حكرًا على الأغنياء؟

ارتفاع مصاريف الجامعات الخاصة في مصر .. في السنوات الأخيرة، شهدت أسعار الجامعات الخاصة ارتفاعًا ملحوظًا، مما بات يشكل عبئًا كبيرًا على الطلاب وأسرهم، وخاصة من الطبقات المتوسطة والفقيرة  تزايد مصاريف الدراسة التي تشمل الرسوم الجامعية، تكاليف السكن، والنفقات اليومية، يجد كثير من الشباب أنفسهم في مواجهة تحدٍ حقيقي لتحقيق حلمهم الجامعي هذا الواقع يطرح تساؤلات مهمة حول مدى عدالة فرص التعليم، وهل أصبح التعليم الجامعي الخاص حكراً على الأغنياء فقط؟

الجامعات الخاصة بين الفرص والتحديات

تقدم الجامعات الخاصة خدمات تعليمية تختلف عن الجامعات الحكومية، حيث تتيح فرصًا للطلاب الحاصلين على مجموعات أقل في الثانوية العامة الالتحاق بكليات لم تكن متاحة لهم في التنسيق الحكومي، كما توفر الجامعات الخاصة منحًا كلية وجزئية لأوائل الجمهورية والمحافظات، مما يمنح طلاب الطبقات المتوسطة والفقيرة فرصة للحصول على تعليم عالي الجودة وبيئة تعليمية مريحة.

آراء الخبراء حول ارتفاع التكاليف وتأثيرها الاجتماعي

وفي هذا السياق قال الدكتور تامر شوقي استاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس ، إنه لا شك أن الجامعات الخاصة تعتبر أحد روافد التعليم العالي والتي نشأت في الأساس لتحقيق عدة أعراض منها تخفيف العبء على الحكومة نظرا الارتفاع الشديد في تكاليف بناء الجامعات الجديدة، وكذلك لجذب فئات معينة من الطلاب الذين كانوا يلتحقون بجامعات أجنبية تكلفهم آلاف الدولارات سنوياً مما يسهم في الضغط على العملة الصعبة وعلى الاقتصاد القومي.
واضاف شوقي في تصريحات خاصة أن الجامعات الخاصة سعت إلى إنشاء كليات تجذب آلاف الطلاب نظراً لكونها تتمتع بمكانة علمية واجتماعية متميزة مثل كليات القطاع الطبي والقطاع الهندسي والذكاء الاصطناعي، وتتمتع الجامعات الخاصة بميزة أن الحد الأدنى للقبول بها أقل من الحد الأدنى للقبول بالجامعات الحكومية، والجامعات الخاصة في ضوء أنها تسعى إلى تحقيق الربح فقد ارتفعت في السنوات الأخيرة مصروفاتها الدراسية بشكل مبالغ فيه في ضوء ارتفاع سعر الدولار ومصروفات التشغيل والصيانة المرتفعة وغيرها الأمر الذي جعل الطلاب الذين يستطيعون الالتحاق بها من الفئات أو الطبقات العليا في المجتمع مع إقصاء الطلاب من الفئات الأدنى ، ولا يمكن القول أن ذلك يضرب مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية على نحو كبير في ضوء وجود الجامعات الحكومية التي نوفر فرص الالتحاق بها للجميع بدون أي تمييز سوى المجموع وهو نفس المبدأ المطبق في المؤسسات التعليمية الخاصة في مرحلة ما قبل الجامعة في المدارس الخاصة والدولية وهي تعتبر متاحة لمن يستطيع الوفاء بمتطلباتها المادية.
وتابع شوقي: مع ذلك توجد تأثيرات سلبية لتواجد الجامعات الخاصة وقصر القبول بها في ضوء مصروفاتها المبالغ فيها على الطبقات العليا ومنها :

.ترسيخ فكرة التمييز الطبقي في المجتمع
.خفض جودة المنتج التعليمي أو مستوى خريجيها في ضوء انخفاض الحد الأدنى للقبول بها
. توليد احساس الاحباط لدى الطالب الحاصل على مجموع مرتفع ولكنه لا يستطيع الالتحاق بها بينما يلتحق بها من حصل على مجموع أقل منه
. ترسيخ مبدأ أن التمايز التعليمي ناتج عن التمايز الطبقي

 

الدكتور تامر شوقي

 
وقال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، إن الغرض الأساسي من التوسع في أنظمة التعليم الخاصة هو تحقيق مبدأ “الإتاحة” الذي يعد معيارًا مهمًا لجودة التعليم، مصيفا أن هذه الإتاحة تتطلب نفقات ضخمة لا تستطيع الدولة تحملها بالكامل.
وأشار حجازي إلى أن الاهتمام بالجامعات الحكومية لا يقل أهمية عن الخاصة، حيث يتم إنشاء جامعات حكومية وبرامج تعليمية موازية، ما يقلل من احتمالية وجود طبقية في التعليم الجامعي. كما أكد على ضرورة إلزام الجامعات الخاصة بتقديم منح دراسية للطلاب المتفوقين بنسبة 3 إلى 5% من طاقتها الاستيعابية للقضاء على فكرة الطبقية.
وأشار إلى أهمية وجود رقابة مالية صارمة على الجامعات الخاصة لمنع المغالاة في المصروفات، وحماية التعليم من أن يصبح تجارة على حساب الأهداف القومية.

 
 
الدكتور عاصم حجازي

ارتفاع تكاليف التعليم العالي يؤثر بشكل مباشر على تكافؤ الفرص

من جانبه، قال الدكتور محمد عزيز، أستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، إن ارتفاع تكاليف التعليم العالي يؤثر بشكل مباشر على تكافؤ الفرص ويزيد من الفجوة الاجتماعية، حيث يجد الطلاب من الأسر محدودة الدخل صعوبة في الوصول إلى الجامعات المرموقة بسبب الضغوط المالية.
وشدد على أن الدعم من خلال منح دراسية وتغطية نفقات السكن والمعيشة ضروري حتى لا يصبح التعليم حكراً على الأغنياء، مضيفا أن الاستثمار في التعليم العالي ضرورة اقتصادية واجتماعية تعزز التنمية المستدامة وتقلل التفاوتات الاجتماعية.
في ظل هذه التحديات، يبقى من الضروري أن تضع الحكومة والجامعات استراتيجيات فعالة لدعم الطلاب من مختلف الطبقات الاجتماعية، عبر زيادة المنح الدراسية، تحسين جودة التعليم الحكومي، وتحديد سقوف معقولة لمصاريف الجامعات الخاصة، هذا التكامل يضمن تحقيق هدف التعليم للجميع ويحول دون تحويله إلى امتياز لفئة محدودة.

قالت شيماء علي ماهر المنسق العام لاتحاد امهات مصر وصاحبه مبادرة” نبني بلدنا بالتعليم” لم تعد الجامعات المرموقة حلما بعيد المنال بالنسبة للطبقات البسيطة كما كان في الماضي، بل أصبحت الآن عبئًا ثقيلًا على عاتق أبناء الطبقة المتوسطة، مع الارتفاع المستمر في تكاليف دراسة الجامعات الخاصة، سواء من رسوم التقديم أو المصروفات السنوية، أصبح من المستحيل على الكثير من الأسر تحمل تلك الأعباء، حيث أصبحت تكاليف الدراسة في بعض الجامعات الخاصة تفوق دخل الأسرة لسنوات طويلة، بل نجد أيضًا أن العديد من الجامعات أصبحت تفرض مصاريفها بالعملة الأجنبية، ما يزيد من تفاقم المشكلة.
واضافت شيماء في تصريحات خاصة ، وبجانب ذلك جاء نظام الثانوية العامة الجديد مع ارتفاع نسب تنسيق القبول في الجامعات الحكومية، ما جعل من المستحيل على العديد من الطلاب وأسرهم الالتحاق بالجامعات الحكومية، وفي الوقت ذاته أصبحوا غير قادرين على تحمل التكاليف الباهظة للجامعات الخاصة.
وتابعت أن الأمر متعلق أيضا بالجانب النفسي ، حيث أن هناك الكثير من الشباب الذين لم يتمكنوا من دخول هذه الجامعات الخاصة، يشعرون بالإحباط وبأنهم فشلوا في تحقيق طموحاتهم، كما يبدأ شعور التمييز الطبقي في التسلل إلى حياتهم منذ سن مبكر، ما يؤثر بشكل كبير على مستقبلهم وتطلعاتهم.
شيماء علي ماهر
 

close