محمد عبدالعزيز: نرفع راية التحدى بما نقدمـه.. الإعلام التنموى غائب الآن

أتمنى عودة مهرجان الإذاعة والتليفزيون بمنافساته وجوائزه
ينبغى أن نقدم كل جديد.. لكن بمحاذير
علينا التمسك بالتحدى فالرضوخ يؤدي للفشل

أفكار جديدة ومتقدة دائماً يقدمها الإذاعى محمد عبدالعزيز مذيع صوت العرب الشهير ورئيس إذاعة القاهرة الكبرى، يسمع الإذاعات الجديدة بأسلوبها الشاب والسريع وأفكارها المختلفة ثم يدخل استوديو الإذاعة الرسمية مع الضيف الكلاسيكى ليقدم أسلوباً متوازناً لجمهور منوع ومختلف فى استقباله للرسالة الإذاعية.
يسعى عبدالعزيز وراء الجديد والمُتعب ويعمل فى تحدٍّ ليصل للناس من مختلف الأعمار غير تارك ساحة الشباب التى تدور حولها المعركة الإعلامية غالباً، مقتحماً هذه الساحة بـ«بودكاتس» و«بودكاسترز» وبرامج سريعة ووثائقية.
كما أن محمد عبدالعزيز تحدى نفسه وتحدى النظرية القديمة التى تقول «انسف القديم وابدأ من جديد».. حيث عمل على إعادة الروح لإذاعة القاهرة الكبرى فى تحدٍّ جديد حتى ترك مع كوادرها بصمة مهمة بتغيير برامجها ومحتواها، صحيح أنها تحولت لإذاعة عامة مع القليل من البرامج الخدمية لكنها أصبحت مؤثرة يبحث عنها الجمهور والكتاب والنقاد وقبلة لكبار الإذاعيين القدامى الذين رووا من خلالها – فى رمضان الماضي- مسيرتهم الإذاعية فى 36 حلقة متواصلة.. التقينا به وتحدث معنا فى هذا الحوار..
حدثنا عن بداية اهتمامك بالعمل الإذاعي!!
البداية كانت من المدرسة بالمنوفية، فى المرحلة الابتدائية كنت مسئول الإذاعة المدرسية والصحافة وتحية العلم، أما فى المرحلة الإعدادية فعُقدت مسابقة للإلقاء المسرحى الشعرى، فألقيت على مُعلمى قصيدة كانت فى المقرر المدرسى تقول «تعد للنار يا إنسان والصاروخ والذرة» فأعجبته كثيراً وقبلنى واحتضننى وقرر أن أدخل المسابقة، وبالفعل حصلت على المركز الأول على الإدارة ثم على المحافظة، ودخلت للإذاعة والصحافة المدرسية بالمرحلة الإعدادية، وفى المرحلة الثانوية كان من حُسن حظى وجود مدير اسمه محمود الشحات عمران فى مدرسة منوف الثانوية وهى مدرسة لامعة تخرج فيها الكاتب مكرم محمد أحمد وحمدى رزق وغيرهما، وكان هذا المدير مثقفاً وحاسماً فى إدارته، وفى أحد الأيام كنت أقدم الطابور فأتوا بصحيفة الأهرام منشور فيها قصيدة الشاعر الكبير فاروق جويدة بعنوان «ملعون يا سيف أخى»، فطلب منى قراءة القصيدة فى الطابور فقرأتها دون إعداد أو تنسيق مُسبق فكان التصفيق حاداً وجارفاً، حيث قرأتها بصدق وأبكيتهم، ثم طلب منى المدير محمود عمران قراءة القصيدة مرة أخرى، ثم قرر المدير أن أدخل المسابقة السنوية للإلقاء الشعرى المسرحى بهذه القصيدة وأتى لى بمخرج مسرحى من الثقافة الجماهيرية، إضافة إلى معلمى اللغة العربية لضبط التشكيل اللغوى فحصلت فى هذه المسابقة على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى الإلقاء بالمرحلة الثانوية 1987، ثم التحقت بالجامعة بآداب إنجليزى وعملت مدرساً بمدرسة الفسطاط الثانوية.
حتى وجدت إعلاناً فى الأهرام لطلب مذيعين بالإذاعة، ورغم أن زميلى قال لى لا تضيع الوقت ولا تذهب للاختبار لأن مؤكد أنهم اختاروا من يريدون دون اختبارات، فقلت له سأذهب لأتفرج على مبنى ماسبيرو، حيث كنت أجلس أمام المبنى على الكورنيش لأشاهده، ذهبت للامتحان الذى يؤدى لامتحان ثانٍ وامتحان ثالث على مدار شهور طويلة، ونجحت فعلاً.
 كانت البداية من البرنامج الأوروبى؟
لا.. رفضت البرنامج الأوروبى وقلت للموظف بشئون العاملين – وما زال بالخدمة حتى اليوم – أننى لن أعمل هنا، فنصحنى بأن أكتب للإذاعى فاروق شوشة وكان قبل إحالته للتقاعد بأيام، وفعلاً كتبت له طلباً وأفاء الله علىّ ببيت شعر وأنا أكتب الطلب فكتبته ويقول: «أستاذى رغبة تلميذ يرفعها فى غير مذلة.. حقق لى أملى أستاذى تغمرنى فرحاً ومسرة»، وكان رجلاً راقياً – رحمه الله-، فقام بالتأشيرة على الطلب قائلاً: «ولا مانع عندى من إلحاقك بإحدى شبكتى الشرق الأوسط أو صوت العرب، فسعدت بالتأشيرة وذهبت للموظف بشئون العاملين الذى أصبح صديقى، فقال لى لا تذهب لشبكة الشرق الأوسط، بل اذهب لصوت العرب، فعلاً ذهبت لصوت العرب واستقررت بها.
 ولماذا اخترت منوعات صوت العرب بالذات؟
فى البداية أرادوا توجيهى للبرامج الثقافية بصوت العرب فرفضت وطلبت دخول المنوعات بناء على نصيحة لى، لوجود عمالقة بها مثل الإذاعى الكبير وجدى الحكيم وكامل البيطار وأمينة صبرى وغيرهم، فطلبت إدارة المنوعات بناء على تأشيرة رئيس الإذاعة فاروق شوشة، فقال لى الإذاعى محمد فهيم رئيس الشبكة آنذاك «ورينى شطارتك»، وكان هذا أول تحدٍّ، كنت أحب الشغلانة جداً وأستمتع بها، كنت أجلس مع الأساتذة الكبار فى غرفة المنوعات الموجودة حتى اليوم، كانوا يحكون حكاياتهم فيما بينهم دون قصد منهم، ونحن نتعلم من هذه الحكايات، وتعينت فى دفعة 1996 مع مجموعة من ألمع الإعلاميين والإذاعيين مثل خالد عاشور وحسن فودة، وأحمد عبدالحليم، وغيرهم كثيرون.
 وكيف بدأت قصتك كـ «صائد للجوائز»؟
كان فيه تجربة مهرجان الإذاعة التليفزيون الذى يقوم عليه الإذاعى حمدى الكنيسى، ألحقنا- كمذيعين جدد- بالمهرجان كلجان وسكرتارية لجان، نكتب تقارير وأخباراً، وحين عرف الضيوف أننا مذيعون وبرامجيون طلبوا أن نجلس معهم فى النقاشات وهم يحللون الأعمال المشاركة، هذه النقاشات هى التى علمتنى يعنى ايه إذاعة، وكانت آراؤهم بالإيجاب أو الانتقاد وأسباب هذه الآراء، تعلمت وأصبح لدىّ الرغبة أن أكون مثلهم، وحين دخلت المهرجانات كمتسابق كنت أفهم جداً طبيعة هذه المهرجانات والمُحكمين فأفوز وأحصل على جوائز، مع أساتذة محكمين مثل وجدى الحكيم وكامل البيطار وأمينة صبرى ومثلهم أساتذة من قطر والسعودية والمغرب ومن مختلف الدول، فاكتسبت خبرات على مدار سنوات المهرجان اختصرت لى سنين طويلة، ثم دخلت المهرجان وفزت بالجوائز المختلفة حيث حصلت على 11 جائزة من مهرجان الإذاعة والتليفزيون على مدار سنوات منها سنتان حصلت فيهما على جوائز فى مجالين وليس فى مجال واحد، وحصلت فيها على أحسن إعداد وتقديم وإخراج، وجائزتين من مهرجان اتحاد الإذاعات العربية فى تونس، وهذا ما أثار انتباه الأساتذة، وكنت أحرص على معرفة مالا أعرفه، مثل أننى مثلاً لا أستطيع عمل برنامج للأطفال فأحرص على تقديم برنامج للأطفال لأتعلم، وأحصل فى البرنامج على جائزة فأطمئن أننى أجيد فى ذلك، والمنوعات هى ملعبى فأشتغل فيها وأحصل على جوائز أيضاً، وكان فى المنوعات الأساتذة إمام عمر ووجدى الحكيم وكامل البيطار كانوا فى لجنة داخلية تنتقى أجمل الأعمال التى تمثل مصر لأن ماسبيرو يدفع رسوماً على الأعمال المشاركة، فيجب أن يختاروا أفضل عمل للمشاركة، وذات مرة كنت مشاركاً فى مسابقة بحلقة منوعات بعنوان «يا عود يا ريت تعود» على اسم أغنية «عود» للفنان أحمد الحجاز والحلقة عن آلة العود كرمز لعودة الأصالة فى الموسيقى، وقالوا لى فى اللجنة أن أضيف مسامع للحلقة وتعديلات أخرى لكنى لم أقم بما طلبوه من تعديلات، فجاءنى كامل البيطار ووجدى الحكيم وهما من القامات الكبيرة جداً وهاجمانى بشراسة لعدم قيامى بالتعديلات المطلوبة، وأكد لى الأستاذ وجدى الحكيم أننى سأحصل على الجائزة الكبرى إذا قمت بهذه الإضافات والتعديلات على الحلقة وقلت لهما إنه احتراماً لهم ولنزولهما لى خصيصاً سأقوم بما طلباه، وكان معى فنى عبقرى هو عادل يمانى سهر معى حتى اليوم التالى وخرجت الحلقة كما طلباها ونزلت ورش بشارع محمد على لاستكمال التعديلات وسجلت مع ضيوف إضافيين وأضفت مواد من أفلام، وفعلاً حصلت على الجائزة أحسن إعداد وتقديم وإخراج، ولم يكن كامل البيطار أو وجدى الحكيم فى لجنة التحكيم آنذاك، لكن خبرتهما كانت الفارقة.
 قلت إنك تتمنى عودة مهرجان الإذاعة والتليفزيون؟
هذه الجوائز كانت قيمة معنوية ومادية كبيرة، لذا أتمنى عودة مهرجان الإذاعة والتليفزيون، لأنه حراك مهم يؤدى إلى المنافسة بيننا كشبكات وكصنايعية وكبرامجيين ويسمع الإخوة العرب شغلنا، وكان فيه إذاعة إف إم موازية لعرض شغلنا المشارك فى المهرجان، وقناة تليفزيونية تذيعه، وكانت مصر مركز ثقل للإعلام، ونتمنى مع وعود الكاتب أحمد المسلمانى أن يعود المهرجان ونكتشف مواهب جديدة فى الإعلام تُظهر قدرات مصر، وتحصل الإذاعة المصرية على جوائز سنوية من مهرجان الإذاعات العربية فى تونس لكنها فرع واحد من مجموعة أفرع كثيرة، لم يعد بها اهتمام، لم يعد أحد يهتم بالتحقيق الإذاعى أو الحوار المباشر، كان مجرد المشاركة فى المنافسة والمهرجان شرف كبير.
 ما أول برامجك التى قدمتها؟
حين دخلت المنوعات بشبكة صوت العرب مع الأساتذة الكبار كان من المفترض ألا نشتغل إلا بعد مرور عام، لكن الأساتذة الكبار تولوا مناصب خارج الشبكة، فتولت الإذاعية نجوى أبوالنجا رئاسة قطاع المتخصصة، ووجدى الحكيم أحيل للمعاش وكان الإذاعى كامل البيطار أحيل للمعاش لكنه يقدم «الرياضة العربية فى أسبوع» فتدربت معه، كان يشتغل برنامجه وأنا أتعلم دون نصائح أو دروس، فى العام الأول بعد 9 شهور تقدمت بفكرة برنامج «سؤال بسيط جداً» يقدم أسئلة سهلة وبسيطة للنجوم، ومتوقع أن هذا النجم يجيب عنها بسهولة فيتضح أن خلف كل سؤال حدوتة كبيرة، وجرأتى فى تقديم الفكرة جعلت الأستاذة أمينة صبرى مدير عام المنوعات توافق على البرنامج على مسئوليتها على أن يشاركنى اثنان من الزملاء فى البرنامج بحيث يقدم كل منا 10 حلقات، وتبدأ بى، كنا أسرة ولا أحد يقدم برنامجاً فردياً، كنا نقدم السهرات واللقاء المفتوح كمجموعة كلٌ يقدم فقرة، نسمع البعض ونتعلم، وكانت زميلتى الإذاعية الكبيرة لوجى أباظة صديقة لكثير من الفنانين وكانت تصطحبنى معها فى تسجيلاتها لأسجل مع ضيوفها من الفنانين فسجلت 24 حلقة بدلاً من 10 حلقات مع كبار الفنانين، ثم ذهبت للإذاعية أمينة صبرى بعد تعثر الزميلين فى التسجيل لأن الفكرة ليست فكرتهم فكملت الحلقات كلها، وبدأت الإذاعية أمينة صبرى تركز على بعد هذا البرنامج، وقبلها كنت قدمت فكرة «على أبواب المدينة» مع بدء افتتاح مدينة الإنتاج الإعلامى، وكان فيه مسلسل بهذا الاسم قديماً، وكانت الفكرة تقوم على تقديم ما فى داخل مدينة الإنتاج الإعلامى ونشاطها، وسجلت الحلقة سهرة كاملة للإذاعة فى شم النسيم، فتعجبت الإذاعية أمينة صبرى وقالت: «وافقنا على الفكرة لكن لم نقل لك اعملها، لأن صوتك غير مجهز، وكونت فريق عمل من 6 أفراد كنت من بينهم، وكانت السينيور معنا المذيعة حبيبة حمدالله وشكرتنى فى آخر البرنامج وجعلتنى أحيى الجمهور فى نصف دقيقة.
 دائماً ما كنت تحرص على البرامج الرمضانية؟
لأنه فى رمضان بالذات كلما كان برنامجك بعد الفطار مباشرة كلما كنت متميزاً، كان الإذاعى عمر بطيشة ونادية صالح يتنافسان فى من سيكون موعد برنامجه أولاً بعد الفطار، فكنت مشغولاً بسؤال: متى سأصل أن يكون برنامجى فى هذا التوقيت، كنا على مدار العام نعمل مع أُسر من المذيعين نستفيد ونتعلم لكن لا نقترب من الهدف، لكن كان رمضان وبرامجه الفيصل فى هذا القرب من الهدف المرجو، وذلك لم يكن بالساهل، وكنت أقرب فترة بعد أخرى.
 متى توجهت للعمل الإدارى بجانب الإبداعى؟
حصلت على مدير إدارة بحكم الأقدمية، وأرسلت لى الإذاعية نادية مبروك وقت رئاستها للإذاعة رسالة مع إحدى زميلاتى أن أهتم أكثر بالفنانين لأتولى رئاسة إدارة المنوعات، وبالفعل اهتممت أكثر بشغل الفن، وكان لدينا برنامج «بالعربى» فكرتى التى تقدمت بها للإذاعى عبدالرحمن رشاد لعمل «توك شو» إذاعى، وكان وقته عتاولة صوت العرب موجودين مثل د.لمياء محمود، وشريف عبدالوهاب ونهلة حامد وكل الأساتذة الكبار، فقرر عبدالرحمن رشاد أن أقدم يوماً فى الأسبوع فرفضت، لأننى لن أنافس هؤلاء العتاولة، فقرر أن يقدمه هو أول يوم سبت ثم أستكمله أنا لأنى لا أنافس أساتذتى، ثم سمعت لكل الأساتذة فيما يقدمونه، ومن الأسبوع الثانى قررت تقديم كل سبت، وفى أول حلقة استضفت ملك الحوار طارق حبيب، وبعد أول حلقة طلبت من الإذاعى عبدالرحمن رشاد وجود شباب معى فى البرنامج، حيث كنا بعد الثورة مباشرة وهى ثورة شباب ولا توجد تعيينات، فقلت له أننا ينبغى أن نعطى فرصة للشباب وأن نحتويهم، وسيكون هؤلاء الشباب من كليات الإعلام، فوافق، فاستضفت 4 شباب هم: مى كرم جبر عضو مجلس النواب حالياً، مؤمن حسن فى قناة الغد حالياً، وهبة هجرس فى الجزيرة حالياً، ومصطفى الطيب منظم الفعاليات الثقافية حالياً، ومن يجد فرصة عمل أتركه ويحل محله آخرون، ودعمنى عبدالرحمن رشاد كثيراً حيث رفض الزملاء وجود هؤلاء الطلاب، وتركت لهم الميكروفون لعمل التقارير وعملت مى كرم جبر فقرة «غداً تقول الصحافة» وكل شاب كان له منطقة يعمل بها، وأصبحوا ذوى مكانة حالياً.
 كيف جاء قرار رئاستك لإذاعة القاهرة الكبرى؟
رأى رئيس الإذاعة محمد نوار أن لدىّ ما أضيفه للمحطة، صحيح أنى تعجبت من القرار ورفضته فقال لى أن أذهب للقاهرة الكبرى لأنه يُهيئنى لعمل آخر فى مبنى ماسبيرو، وجلست مع الإذاعى ولاء عسكر رحمه الله وكان ابن إذاعة القاهرة الكبرى، فقال لى ستجد كفاءات لديهم رغبة فى النجاح وأعطانى خريطة إذاعة القاهرة الكبرى، فذهبت فى مهمة مؤقتة وإن كانت قد طالت، فأصبحت فيها من 4 سنوات وأصبحت محطة كبرى بأبنائها وكوادرها.
 تغير مضمونها من الإعلام الخدمى لتكون إذاعة شبه عامة.. لماذا؟
صحيح…لأن فكرة الإعلام التنموى غير مُتاحة الآن، فلم يعد لدينا مراسلون صغار السن ينقلون لنا من مختلف الأماكن، كما أنه لا تواصل بين الوزراء والمحافظين كما كان قديماً، فغيرنا توجه المحطة فيما أُجيده وأعرفه وهى المنوعات، فأقبل عليها الجمهور، مع وجود بعض البرامج الخدمية مثل برنامج «فى خدمتك»، وبرامج عن الآثار وزوار القاهرة، لكن ليست هى البرامج التى كان يتصل بها الناس على مدار 24 ساعة للتبليغ عن انقطاع مياه أو نور مثلاً، فأصبحت إذاعة شبه عامة، وأتمنى أن تعود إذاعة خدمية مرة أخرى.
 كيف كانت خطتك للقاهرة الكبرى فى البداية؟
كان هناك تحدٍّ خاص لأنى توليت قبل شهر رمضان بشهر واحد، فكان لا بد من تقديم موسم رمضانى، وكانت أدواتى هم الزملاء فى إذاعة القاهرة الكبرى وهل سيتقبلوننى أم لا، خاصة أن بيتى هو صوت العرب وأنى نزلت عليهم «بالباراشوت» من الخارج، لكنى وجدت كوادر خدومة محبة للمكان، اجتمعت بهم فى اليوم الأول وحكيت لهم عن شغلى ووجدتهم عرفونى وسألوا عنى، ووجدت من صدقنى وتعاون وعمل شغل والمُبعد رجع لمكانه، ومن يريد فرصة أخذها، وفكرنا بشكل مختلف ونجح أول موسم رمضانى وأعطى ثقة للزملاء مع الأسماء الإذاعية الكبيرة التى أقبلت على المحطة، ووجدت أسماء عباقرة فى الداخل عملوا التترات، ومن الخارج جاءت الإذاعية الكبيرة إيناس جوهر عملت تترات بالقاهرة الكبرى وهى من هى فى عالم الإذاعة، وعملنا برنامج «راجعين يا هوى» تحدث فيه الإذاعيون القدامى فى 36 حلقة عن ذكرياتهم مع الميكروفون للحديث عن هذه الذكريات، مثل أمينة صبرى، نبيلة مكاوى، هالة الحديدى، رضا عبدالسلام، سهير الباشا، طه الحديرى، هدى العجيمى وغيرهم كثيرون وأعجبتهم الحالة وأرادوا مساندتى، وامتد البرنامج بعد رمضان فى حلقة أسبوعية، وأُقدر لهم مجيئهم للإذاعة، وأتمنى أن تستمر هذه التجربة، وأن تذاع هذه التسجيلات فى كل المحطات الإذاعية.
 قدمت برنامجاً وثائقياً بعنوان «مليون علم».. كلمنى عنه؟
البرنامج وثق لعدد من الشخصيات، فى 30 حلقة، كل شخص نوثق له مع عدد من الشخصيات التى تتحدث عنه فى جوانب مختلفة، قبل رمضان كنت مشغولا إدارياً، فلم أنجز إلا حلقات قليلة، أولها حلقة شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، ثم حلقة البابا تواضروس، ثم ركزت فى رمضان على الإنجاز والمونتاج، كان الحد الأدنى للتسجيلات فى الحلقة الواحدة 6 شخصيات يتحدثون عن الشخص موضوع الحلقة، وفى بعض الحلقات تصل لـ9 شخصيات يتحدثون عن من نوثق له فى حلقة واحدة.
 هل من حلقات كانت مفاجأة لك؟
نعم…فوجئت بحلقة الوزير فاروق حسنى الذى تحدث عنه كثيرون بكل إيجابية، لأن عطائه فى الثقافة يأتى بعد الوزير ثروت عكاشة، ثم الوزير عبدالمنعم عمارة، والكاتب عادل حمودة.
 ما الذى يفرق بين مذيع وآخر؟
التحدى.. لازم نتحدى بالشغل، لأن القبول والرضوخ يؤدى للفشل، وكلما زادت الضغوط زاد التحدى، والشعور أن عملى مهم والإخلاص له مسئولية سأحاسب عليها أمام الله والناس.
 كيف تخرج إذاعتنا الرسمية من خناق التقليدية لتصل للناس؟
لازم نجرب كل جديد لكن بمحاذير، مثلاً فى رمضان الماضى عملت برنامج «بودكاست»… فظاهرة البودكاست ظاهرة منتشرة، وأصبح لها جمهور كبير، ومن لم يجد فرصة يعمل بودكاست وينجح ويكسب، فقررت عمل بودكاست وتحمس له د.محمد لطفى نائب رئيس الإذاعة، والفكرة قامت على استضافة «بودكاسترز Podcasters أقدمهم للجمهور مع حلقاتهم، وبذلك أضيف 30 مذيعاً جديداً بجمهورهم وفكرهم الجديد وضيوفهم وموضوعاتهم ربما تحولت كوادرى لكلاسيكيين أو كبار سناً، نكون كسبنا جمهوراً جديداً وساعدنا عدداً كبيراً من البودكاسترز مثل تامر بجاتو الذى قدم حلقة ووسام سعيد ورشا الديب وكلهم متحققون، بضيوف ومصادر مهمين، وأتمنى استكمال هذه الفكرة وإن كانت مرهقة لأننى أسمعها بنفسى وأمنتجها مع تصريح كتابى أنه ليس لديهم ما يمنع من النشر.
 ما الذى يتميز به مذيع البودكاست أو السوشيال ميديا ويفتقده المذيع التقليدى والعكس؟
يتميزون بسرعة الإيقاع، ومفترض أن نأخذ منهم إيقاعهم، وكنت أفعل ذلك فى برنامج بالعربى، حيث كنت أسمع الإذاعات الـ«إف إم» الجديدة والمذيعين بإيقاعهم وسرعتهم وخفة دمهم، وأدخل متقمص الحالة مع ضيفى الكبير الكلاسيكى بإيقاع متوازن، والجميل فى البودكاسترز التخصص أكثر، أما نحن فموسوعو الثقافة، ونحن نعطيهم الوسيط (الإذاعة المصرية)، نكسب جمهوراً جديداً، إيقاعنا فى القاهرة الكبرى أصبح سريعاً ورشيقاً، نحتاج فقط بعض الإمكانيات.
 هل انتقال نجم التقديم على السوشيال ميديا للإذاعة الرسمية يضيف له أم يخصم منه؟
يفترض أن يجمع مذيع السوشيال ميديا بين الوسيطين القديم فى الإذاعة، وأيضاً الأون لاين، الذى يصل للعالم، وهنا لن أطلب من جمهور السودان أن يسمعنى على صوت العرب وهى لا تصل لأسوان.
 هل نحتاج أن نغير من محتوانا بعض الشىء أمام الكلاسيكية التى تميز إذاعاتنا المصرية؟
لا أوافق على كل ما تناقشه الإذاعات الجديدة، لأسباب أخلاقية، واستهلاك وقت على الفاضى، ماذا أستفيد حين أتحدث ساعة عن أغانى الطبيخ مثلاً، وأعمل لها مواضيع ومحاور، علينا أن نضيف لموضوعاتنا ما يهم الشباب، وأن نملأ أذهان الناس بدراما وغناء وثقافة أو موضوعات يحتاجونها، نحتاج لإنتاج غنائى بشكل عام ودرامى وغيره.
 هل القاهرة الكبرى تنتج دراما؟
الدراما تحتاج إمكانات، ونسعى لتوفيرها من قبل رئيس القطاع محمد نوار ورئيس الهيئة الكاتب الكبير أحمد المسلمانى.

close