نص خطبة يوم عرفة.. اللهم انصر الفلسطينيين على عدوهم وعدوك



نص خطبة يوم عرفة.. اللهم انصر الفلسطينيين على عدوهم وعدوك

ألقى الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، خطبة يوم عرفة لهذا العام من مسجد نمرة، والتي نقلتها قناة الناس.
وقال الشيخ صالح: «الحمد لله العزيز العلّام، الملك القدوس السلام، نحمده سبحانه أن هدانا لدين الإسلام، وبناه على خمسة أركانٍ عظام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى آله وأصحابه وأتباعه البررة الأعلام، أما بعد».
وأوضح: «أوصيكم أيها الناس، أوصيكم حُجّاج بيت الله ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله، اتقوه بفعل أوامره وترك نواهيه، فإن الله يحب المتقين، وجعل العاقبة للتقوى. التقوى سبب خيري الدنيا والآخرة. وخاطب سبحانه حُجّاج بيته آمرًا لهم بالتقوى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وقال: واتقونِ يا أولي الألباب. وأمر خلقه كافة بالتعاون على التقوى».
وواصل: «والتقوى – حُجّاج بيت الله – هي التمسّك بدين الله، والعمل بشرعه، رجاء ثوابه، وخوفًا من عقابه. تمسّك بدين الله الذي أكمله في مثل هذا اليوم، حينما نزل قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا، أيها المسلمون، دين الإسلام على ثلاث مراتب، أعلاها: رتبة الإحسان، وبيّنها نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
وأردف: «وثاني مراتب هذا الدين: رتبة الإيمان. والإيمان: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجَنان، وعملٌ بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، وهو بضعٌ وسبعون شُعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. ومن الإيمان – رحمكم الله – بر الوالدين، وصلة الأرحام، وقول الصدق، وطيب الكَلِم، والوفاء بالعقود والعهود، وحُسن الخُلُق. ومن الإيمان: الشكر عند النعماء، والصبر عند البلاء، والتوبة، والندم بعد المعصية والجفاء».
وواصل: «معشر الحجاج، وأركان الإيمان ستة: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، الإيمان بالله – عباد الله – يتضمّن الإيمان به ربًّا، خالقًا، مُدبّرًا، متصفًا بالصفات العُلى، والأسماء الحُسنى».
وأردف: «ومن الإيمان: الإيمان بالملائكة، والإيمان بما أنزل الله من الكُتب، من التوراة والإنجيل والزبور وغيرها، وجعل الله القرآن الكريم مُهيمنًا عليها كلها، والإيمان باليوم الآخر: يوم القيامة، يوم الجزاء والحساب، وما فيه من الجنة لأولياء الله، وما فيه من العذاب والنار لعباد أعداء الله، والإيمان بأن الله قدّر جميع الوقائع والحوادث، ما كان وما يكون، في اللوح المحفوظ، وشاءها وخلقها».
وواصل: «أيّها المسلمون، حُجّاج بيت الله، أما الإسلام فقد فسّره نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، فشهادة أن لا إله إلا الله تتضمّن أن العبادة حقٌّ لله وحده، لا يُصرَف شيءٌ منها لغيره سبحانه، ولو كان من الملائكة أو الأنبياء أو الصالحين أو الأولياء”.
وأكمل: «معشر المسلمين، في تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة عزّة النفس ورفعتها؛ فلا ذُلَّة إلا لله تعالى، وإن يمسسك الله بضرٍّ فلا كاشف له إلا هو، وإن يُرِدك بخيرٍ فلا رادّ لفضله، يُصيب به من يشاء من عباده، وهو الغفور الرحيم، وشهادة أن محمدًا رسول الله تقتضي طاعته صلى الله عليه وسلم في أمره، وتصديقه في خبره، والسير على طريقته، فلا يُعبد الله إلا بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأضاف: «وفي تقرير الرسالات المحمديّة، ولزوم سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم، رفعٌ لما قد يكون من نزاع بين الأمة، وتوحيدٌ لمصدر التلقّي فيها، وسلامةٌ من البدع. وبذلك تجتمع النفوس وتَتآلف القلوب، معاشر الأحبّة، والركن الثاني من أركان الإسلام: إقامة الصلاة، والصلاة صِلَةٌ بين العبد وربّه، وسببٌ لنجاته، وطريقٌ لاستشعار العبد مراقبة ربّه، وفي الصلاة طهارة الظاهر والباطن؛ الطهارة المعنويّة والحِسّيّة، وفي صلاة الجماعة ترابط المجتمع، ومحبّة بعضه لبعض».
وواصل: «ومن أركان الإسلام – عباد الله – إيتاء الزكاة، وهي دفع جزءٍ معلوم من المال في مصارف محدودة، تعود على المجتمع بالنفع، وفيها تطهير للنفوس من البُخل والشُّحّ والأنانيّة، وتُدرّب النفس على البذل والعطاء، وتَفَقُّد حاجات المحتاجين، وتقوية الصِّلات المجتمعيّة، وربط أفراد المجتمع بعضهم ببعض، بما يُجلب المحبّة، ويزرع الأُلفة، ويُحقّق التكافل الاجتماعي».
وأوضح: «والرُّكن الرابع: صوم شهر رمضان، شهرُ تعويد النفوس على الصبر، ومقاومة الشهوات، واستشعار حاجة المعدَمين، وتربية النفوس للتخلّص من العادات السيئة، والحدّ من طغيان الشهوات، والتواضع، وصحة الأبدان، والرُّكن الخامس: حَجُّ بيت الله الحرام.. حجّاج بيت الله، قد وفّقكم الله لحجّه، وأداء مناسكه، والحجّ يتضمّن التذكير باليوم الآخر، وتعظيم الرّبّ وأوامره في النفوس، مع قبولها والتسليم والرِّضى، وفي الحجّ الانتظام مع الجماعة، وإطعام الطعام، وتنظيم الوقت وتوظيفه فيما ينفع».
وأكمل: «معشر الحجيج، تقبّل الله حجّكم، وجعل حجّكم مبرورًا، وسعيكم مشكورًا، وذنبكم مغفورًا، إنّ ما توليه قيادة المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين، من عناية واهتمام بعمارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وما تقدمه لحجّاج بيت الله، وعمّاره، وزوّاره، وقاصديه، ممثَّلةً في جهاتها كافةً: الخدميّة، والأمنيّة، من رعاية وعناية فائقتين؛ كلّ ذلك مكّن – بفضل الله ومنّه – من أداء مناسك الحج وشعائره بأمن وطمأنينةٍ ويُسر، ومن هنا، فيجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات والتوجيهات المنظّمة للحج، وهذا الالتزام جزءٌ من تحقيق مقاصد الشريعة، وهو واجب دينيّ وأخلاقيّ، وسلوك حضاريّ يعبّر عن روح التعاون والانضباط وسهولة أداء المناسك دون عناءٍ أو مشقّة».
وأردف: «حُجّاج الله، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، بعد أن خطب وصلّى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، ووقف حتى غربت الشمس، ثم ذهب إلى المزدلفة، فصلّى بها جمعًا: المغرب ثلاثًا، والعشاء ركعتين، وبات بـمزدلفة إلى أن صلّى الفجر، فجلس يذكر الله حتى أسفر، ثم ذهب إلى منى، فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات، ثم نحر هديه، وحلق رأسه، فتحلّل التحلّل الأول، ثم ذهب إلى البيت المشرّف، فطاف حول الكعبة سبعة أشواط طواف الإفاضة، ثم عاد إلى منى، يبيت بها، ويرمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة، يرمي في كل يوم إحدى وعشرين حصاةً، يبدأ من الصغرى، ثم الوسطى، ويدعو بعدهما، ثم يرمي جمرة العقبة».
وواصل: «وأجاز التعجّل في يومين، ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾، أيّها المسلمون، حجّاج بيت الله، يومكم هذا يومٌ فاضل، يعتق الله فيه الرقاب من النار، فأكثروا من الثناء على الله وذِكره وشكره ودعائه، فإنكم في موطن من مواطن إجابة الدعاء، وخير الدعاء دعاء يوم عرفة، وقال ربكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، فاجتهدوا بالدعاء، وأبشروا، وأمِّلوا».
وواصل: «اللهم اغفر ذنوبنا، ويسِّر أمورنا، واشرح صدورنا، ونوّر وبرِّك قلوبنا، واختم بالصالحات أعمالنا وآجالنا، اللهم اغفر ذنوبنا، ويسِّر أمورنا، واشرح صدورنا، ونوّر قلوبنا، واختم بالصالحات أعمالنا وآجالنا، وأصلح ذريّاتنا، وأدخلنا الجنة، اللهم تقبّل حجّنا، اللهم تقبّل حجّنا وطاعاتنا وصالح أعمالنا».
وأردف: «اللهم أعِنّا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك، اللهم إنّا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم إنّا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم ألّف بين قلوبهم، وتولَّ جميع شؤونهم، وازرع المحبة فيما بينهم، اللهم كُن لإخواننا في فلسطين، اللهم كُن لإخواننا في فلسطين، اللهم تولَّ شؤونهم، اللهم أطعم جائعهم، واكسُ عاريهم، وآوِ طريدهم، واجبر كسيرهم، وآمِن خائفهم، واكفِهم شرَّ أعدائهم».
وأتم: «اللهم انصرهم على عدوّك وعدوّهم، اللهم انصرهم على عدوّك وعدوّهم، بقوّتك وعزّتك، يا قويّ يا عزيز، اللهم وفّق ولاة أمر المسلمين لكل خير، واجعلهم من أسباب الهدى والتقى، اللهم وفّق إمامنا ووليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وفّق إمامنا ووليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ووليَّ عهده الأمير محمد بن سلمان، اللهم اجزهما خير الجزاء على ما قدّما ويقدمانه للإسلام والمسلمين، رَبَّنا آتِنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار، سُبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين».

close