الذكاء الاصطناعي: هل ساهم في تطوير الجامعات نحو الأفضل؟

صدر الصورة، Getty Imagesالتعليق على الصورة، أفادت دراسة استقصائية بأن 44 في المئة من طلاب المملكة المتحدة متحمسون للذكاء الاصطناعي وما يوفره من فرصArticle informationأثّر الذكاء الاصطناعي منذ انتشاره الواسع على مختلف الصناعات حول العالم، لكن تأثيره على التعليم العالي كان أكثر وضوحاً وقوة.وأحدثت القدرة على الحصول على معلومات مفصلة بضغطة زر، تحولاً جذرياً في شكل الدراسات الجامعية، لكن يبقى السؤال: هل هذا التغيير يصب في مصلحة التعليم؟كشفت دراسة حديثة شملت آلاف الطلاب حول العالم أن كثيرين من هؤلاء الطلاب لجأوا إلى التكنولوجيا للمساعدة في دراستهم، إلا أن بعضهم أعرب عن قلقه من تأثيرها المحتمل على مستقبلهم المهني.وقالت طالبة لبي بي سي إن الذكاء الاصطناعي كان نقطة تحول في مسيرتها التعليمية، مؤكدة أنه ساعدها على الشعور بثقة أكبر في أدائها الأكاديمي.في المقابل، تبنى الخبراء موقفاً أكثر تحفظاً تجاه تأثيرات الذكاء الاصطناعي، حيث وصفها أحدهم بأنها تحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية على دراسات التعليم العالي.صدر الصورة، Getty Imagesالتعليق على الصورة، تمكّن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “تشات جي بي تي” المستخدمين من الحصول على ردود مفصلة بسرعة وسهولةسانجايا فيليبس، من مواليد ورشيسترشاير، تدرس حالياً إدارة الاتصالات التسويقية في جامعة أكسفورد بروكس.وقالت الطالبة البالغة من العمر 22 عاماً إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي، بإذن من المحاضرين، للحصول على أفكار ولهيكلة المقالات أثناء دراستها.وقالت فيليبس، التي تقضي حالياً سنة تدريب عملي، إن التكنولوجيا منحتها “الطمأنينة”، وساعدتها على “زيادة ثقتها” في أداء عملها.وأضافت: “في سنتي الثانية، أصبح الذكاء الاصطناعي بارزًا للغاية، خصوصًا عند استخدامه كأداة للدراسة أو لدعمي في التكيف مع مهامي الجامعية”. وتابعت: “في جامعة بروكس، تجري نقاشات مفتوحة حول طرق استخدام الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن الاستفادة منه في مساعدة إعداد الواجبات وتنظيمها، أو الوصول إلى أفكار إبداعية”. وأضافت: “في بعض الأحيان، قد تقضي يوماً كاملاً في البحث عن أفكار إبداعية، لكن باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن توليد هذه الأفكار خلال 30 دقيقة فقط”. وقالت: “لقد غير هذا بالتأكيد تجربتي الأكاديمية”.وشارك طلاب آخرون مع بي بي سي تجاربهم في استخدام الذكاء الاصطناعي للغش أثناء الدراسة، حيث عبرت إحدى الطالبات عن “ندمها الشديد” على استخدام هذه التكنولوجيا.صدر الصورة، Sunjaya Phillipsالتعليق على الصورة، تدرس سنجايا فيليبس الآن سنة تدريب عملي في جامعة أكسفورد بروكسوأشار الدكتور تشارلي سيمبسون، الكاتب المتخصص في الذكاء الاصطناعي في التعليم، إلى أن “البحث عن جوانب في التعليم العالي لا يؤثر عليها الذكاء الاصطناعي أصبح أمراً في غاية الصعوبة”.وأضاف سيمبسون، وهو أيضاً محاضر أول في العلوم الرياضية والتمارين الرياضية في جامعة أكسفورد بروكس: “عندما تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، فإنها تمكن الطلاب من توجيه انتباههم إلى الأجزاء الأكثر أهمية من التعلم وتحسين تنميتهم الذاتية”.وتابع: “ومع ذلك، إذا لم يُستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول في إطار برنامج دراسي للحصول على درجة علمية، واستعان الطلاب بالتكنولوجيا فقط للحصول على مؤهل، فإن هذا لن يخدم أي غرض مفيد”.وكشفت دراسة حديثة أجرتها شركة سكن الطلاب “يوغو” أن 44 في المئة من طلاب المملكة المتحدة يشعرون بالحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، وأن نسبة مماثلة منهم استخدمته بالفعل خلال دراستهم.وقال البروفيسور كييتشي ناكاتا، من كلية هنلي لإدارة الأعمال، إن “الذكاء الاصطناعي، كأي تقنية جديدة، له تأثيرات إيجابية وسلبية على التعليم”. يشغل البروفيسور ناكاتا منصب مدير قسم الذكاء الاصطناعي في معهد “عالم العمل” التابع لكلية الأعمال، وهو جزء من جامعة ريدينغ، حيث يعمل على مساعدة المؤسسات في فهم التكنولوجيا.وأوضح أن “هذا أمر إيجابي، لأنه يمنح الطلاب الآن مجموعة إضافية من الأدوات للعمل بها عند استخدامها بشكل مناسب ومسؤول”.وأضاف: “ومع ذلك، إذا استُخدم فقط لتوفير الجهد أو لإنجاز العمل بدلاً عنك، فإنه لا يساعد الطلاب على اكتساب المعرفة والمهارات والسلوكيات اللازمة من خلال دراستهم”.

“نظام الدعم”

وأوضح الدكتور سيمبسون أنه في حال تبنت الجامعات الذكاء الاصطناعي وتكيفت معه بفعالية، فإن خريجي المستقبل قد يمتلكون قدرات “تفوق بكثير” ما امتلكته الأجيال السابقة.وأضاف أن “الشهادات الجامعية في المستقبل سيكون من الصعب الحصول عليها كما هو الحال الآن، لكن قدرات الخريجين سوف تزيد، وبالتالي فإن معايير الدرجات العلمية يجب أن ترتفع أيضاً”.وتوصلت دراسة أجرتها مؤسسة “يوغو”، وشملت 7274 طالباً من مختلف أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا، إلى أن 78 في المئة من طلاب المملكة المتحدة يخشون فقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي.وأظهرت دراسة حديثة، أجرتها كلية هينلي للأعمال الشهر الماضي أن موظفي المملكة المتحدة ينظرون للتكنولوجيا بتفاؤل، إلا أنهم يشعرون بالإجهاد نتيجة استخدامها.وأوضحت فيليبس أنها لا تشعر بالقلق من احتمال فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أنها تنظر إلى هذه التكنولوجيا على أنها “وسيلة دعم”.وشددت على ضرورة أن يقوم الناس بـ “تغيير طريقة فهمهم للذكاء الاصطناعي وكيفية الاستفادة منه، بدلاً من رؤيته كبديل لهم”. ويرى البروفيسور ناكاتا أن “الكفاءة في التعامل مع الذكاء الاصطناعي” ستصبح مطلباً شائعاً لدى أصحاب العمل في المستقبل القريب، مشابهاً لمهارات تكنولوجيا المعلومات”. وأضاف: “من الواضح أن هذا يختلف باختلاف الصناعات والأدوار الوظيفية، لكن القدرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مناسب ومسؤول لتعزيز الإنتاجية في العمل من شأنها أن تؤثر إيجابياً على فرص الطلاب الجامعيين المستقبلية”.

close