مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المعظم.. الزخارف الملونة تضفى أجواء احتفالية خاصة.. الفانوس يعود للعصر الفاطمى.. بلال بن رباح أول مسحراتى بالتاريخ الإسلامى.. وأغنية “وحوى يا وحوى” تراث رمضانى شعبى بمعنى مرحبًا يا قمر


يعد شهر رمضان الكريم هو شهر الفضيلة والرحمة، ويعد من أهم الشهور فى التقويم الإسلامي، حيث يظهر المسلمون فيه أبهى صور التضامن والتقوى، ومع حلول هذا الشهر المبارك الذى من المقرر أن يبدأ يوم السبت أول مارس 2025 وذلك وفقا للحسابات الفلكية.

ويتميز شهر رمضان الكريم بالعديد من المظاهر الثقافية والدينية والاجتماعية التى تعبر عن فرحة المسلمين بقدومه.


وفى ذلك التقرير يرصد اليوم السابع أبرز مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم:

تزيين الشوارع والمنازل:

تزين الشوارع بالفوانيس الرمضانية المضيئة والزخارف الملونة التى تضفى أجواء احتفالية خاصة، كما يحرص الناس على تزيين منازلهم بعبارات التهنئة مثل “رمضان كريم” و”أهلًا رمضان”، إضافة إلى تعليق الأضواء الزينة والفوانيس.


قصة فانوس رمضان:


اخترع المصريين فى عهد الفاطميين فانوس رمضان، وكانت فكرة الفانوس فى الأصل تتمثل فى كونه وسيلة إنارة أساسية تستخدم لإضاءة الطرقات والمنازل ليلًا، وقد عرف فى العديد من الحضارات، بما فى ذلك الحضارة المصرية القديمة.

ومع دخول العصر الفاطمى، تحديدًا يوم الخامس من رمضان، ارتبط الفانوس باستقبال المعز لدين الله الفاطمى عند وصوله إلى مصر.

استخدم الفانوس فى ذلك اليوم كمظهر من مظاهر الاحتفال، حيث شارك الرجال والنساء، الصغار والكبار، فى موكب كبير على أطراف الصحراء الغربية بالقرب من الجيزة لاستقبال المعز الذى وصل ليلًا.

حمل الجميع المشاعل والفوانيس المزينة والملونة لإضاءة الطريق له، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الفوانيس تضيء الشوارع طوال شهر رمضان، لتتحول إلى تقليد رمضانى يعبر عن البهجة والفرحة بالشهر الكريم.


صلاة التراويح:


تُعتبر صلاة التراويح من أبرز الشعائر الرمضانية، حيث يتجمع المسلمون فى المساجد لأداء الصلاة بعد العشاء، وهى فرصة لتعزيز الروحانية وتقوية العلاقات الاجتماعية بين المصليين.


الإفطار الجماعي:


تنتشر موائد الإفطار الجماعى فى الشوارع والمساجد “موائد الرحمن”، حيث يتشارك الناس وجبة الإفطار معًا فى أجواء من المحبة والتعاون، كما تنشط الجمعيات الخيرية فى توزيع وجبات الإفطار على المحتاجين.


السحور:


يعد السحور عادة رمضانية مهمة، حيث يستيقظ المسلمون قبل الفجر لتناول وجبة خفيفة تساعدهم على الصيام خلال النهار، وغالبًا ما يصاحب السحور صوت “المسحراتي” الذى يجوب الشوارع لإيقاظ الناس بأناشيد رمضانية.


قصة المسحراتي:


بدأت قصة “المسحراتي” فى مصر عام 853م، عندما قام والى مصر العباسى، إسحاق بن عقبة، بالتجول ليلًا فى شوارع القاهرة خلال شهر رمضان لإيقاظ الناس لتناول السحور، ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه العادة جزءًا من التراث الرمضاني. 

فى العصر المملوكى، وتحديدًا فى عهد السلطان الظاهر بيبرس، أعيد إحياء مهنة المسحراتى كجزء من التراث الإسلامى، حيث عين السلطان صغار علماء الدين للمرور على المنازل ودق الأبواب لإيقاظ الأهالى للسحور.

ومع مرور الزمن والتطورات الحديثة، بدأت مهنة المسحراتى بالاندثار تدريجيًا، خاصة مع ظهور التلفزيون والراديو، ومع ذلك كان المسحراتى يدون أسماء من يرغبون فى النداء عليهم لإبقائهم على اتصال بهذه العادة القديمة. 


أول مسحراتى ف التاريخ:


أما أصل مهنة المسحراتى فيعود إلى زمن النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ففى عهده، كان المسلمون يعتمدون على أذان “بلال بن رباح” لإيقاظهم للسحور، حيث كان يجوب الشوارع بصوته العذب، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقول: “إن بلالًا ينادى، فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم”، الذى كان يتولى أذان الفجر، بهذا يُعد بلال بن رباح أول مسحراتى فى التاريخ الإسلامي.


الأطعمة الرمضانية:


يمتاز رمضان بتقديم أطباق تقليدية خاصة مثل القطايف، الكنافة، السمبوسة، والشوربة، كما يكثر إعداد المشروبات الرمضانية مثل التمر الهندى، قمر الدين، والسوبيا.


أغنية “وحوى يا وحوي” تراث رمضانى شعبي:


تعد كلمة “وحوى يا وحوي”.. عبارة تحية تستخدم فى الثقافة الشعبية العربية لتحية الضيوف والزوار.

ويقال إن أغنية “وحوى يا وحوي” تعود إلى آلاف السنين، حيث يرجع أصلها إلى مصر القديمة، حيث تبدأ الأغنية بجملة “وحوى يا وحوى إيوحا”، والتى كانت تستخدم للترحيب بالملكة “إياح حتب”، الذى ترجم اسمها إلى “قمر الزمان”، وهى والدة الملك “أحمس الأول”، الذى قهر الهكسوس.

كانت الملكة “إياح حتب” رمزًا للتضحية والنضال من أجل الوطن، فقد لعبت دورا بارزا فى الكفاح ضد الهكسوس، مما جعل المصريين القدماء يكنون لها الاحترام والحب.

لذا، كانوا يخرجون لاستقبالها وهم يحملون المشاعل والمصابيح، ويغنون “وحوى يا وحوى إياحه”. 

من ناحية أخرى، يرى بعض الباحثين أن الأغنية مرتبطة بعادة المصريين القدماء فى الاحتفال بظهور القمر بداية كل شهر، حيث كانوا يستقبلون القمر بالترحيب مرددين: “وحوى يا وحوى إياحه”، بمعنى “مرحبًا يا قمر”. 

فى رواية مختلفة، يعتقد أن أصل الأغنية يعود إلى العصر الفاطمى، حيث كان الأطفال يجتمعون بعد الإفطار حاملين الفوانيس الملونة، ويرددون “إياحة” كإجابة جماعية خلال الغناء، يبدأ أحدهم بالغناء: “بنت السلطان”، ويرد الجميع: “إياحة”، ثم يُكمل: “لابسة فستان”، فيجيبونه بنفس العبارة، وهكذا تتواصل الأغنية فى جو احتفالي.

جدير بالذكر شهر رمضان الكريم فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية والروحانية بين المسلمين، و التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وتُعد مظاهر الاحتفال به انعكاسًا لقيم الإسلام التى تدعو إلى المحبة، التسامح، والتكافل، فرمضان ليس مجرد شهر للصيام، بل هو مناسبة لتحقيق التجدد الروحى والاجتماعي.

close