الاقتصاد والتعليم.. العربة والحصان – د.عبدالعزيز بن سعود العمر

د.عبدالعزيز بن سعود العمر
إن مجيء وزير تعليم لبلادنا من خلفية اقتصادية يشير إلى توجه بلادنا نحو جعل التعليم ذراعا اقتصادية استثمارية، يؤكد ذلك قيامنا بخصخصة بعض قطاعات التعليم وإخراجها من الحضن البيروقراطي إلى عالم الاقتصاد والاستثمار، كتوجه جديد في إقرار خططنا وسياساتنا التعليمية.. ويبقى التحدي الاقتصادي هو اليوم أشرس التحديات التنموية التعليمية التي تواجهها الدول، وهنا لم يعد الحديث عن الاقتصاد ينفصل عن الحديث عن التعليم (والعكس صحيح)، كما أن الرابط بين الاقتصاد والتعليم يتجلى فيما سمي اليوم بـ»الاقتصاد المعرفي»، أي الاقتصاد الذي يقوم ويؤسس على المعرفة العلمية، وعلى تعزيز مهارات الإبداع والتحليل المنطقي العلمي (رأس المال البشري). وكانت بداية ظهور الاقتصاد المعرفي قد انطلقت في الدول المتقدمة، وتُعَد كوريا الجنوبية واليابان نموذجين آسيويين حقيقيين للدول التي يقوم اقتصادها على المعرفة العلمية، بل إن منتجات هذا النوع من الاقتصاد (سامسونج، توشيبا، هونداي – مثلاً) أصبحت تحقق مكاسب تنافس مكاسب الشركات النفطية الغربية العملاقة، ولكي ينجح التعليم في الوصول باقتصاد أي مجتمع إلى مستوى الاقتصاد المعرفي، يجب أن يتوجّه هذا التعليم نحو بناء وتأسيس مهارات تعليمية نوعية جديدة لدى المتعلمين، وهي مهارات أصبحت تسمّى مهارات التعلُّم في القرن الحادي والعشرين. لقد قضى اقتصاد المعرفة على مهن وفرص عمل تقليدية كانت سائدة قبل عدة عقود من الزمن، وخلق في المقابل فرص عمل جديدة تتطلب مهارات نوعية جديدة لا يمكن للتعليم التقليدي أن يحققها.

close