البرلمان يحسم تعديل قانون الإيجار القديم بهذا الموعد هل ينجو المستأجرون أم ينتصر الملاك؟

الإيجار القديم .. تشهد الأروقة البرلمانية هذه الأيام حالة من النشاط المكثف، حيث تسابق لجنة الإسكان بمجلس النواب الزمن من أجل إنهاء مناقشات تعديلات قانون الإيجار القديم، في خطوة طال انتظارها منذ عقود. وتأتي هذه التحركات النيابية في ظل الجدل الكبير الذي يحيط بهذا الملف الشائك، والذي يثير خلافات مزمنة بين ملاك العقارات والمستأجرين، وسط مطالب متباينة من الطرفين وصعوبات اقتصادية واجتماعية تفرض تحديات على المشرّع.
 

ما هو مصير قانون الإيجار القديم؟.. اللجنة البرلمانية تواصل مناقشات حاسمة لإنهاء الخلافات

تستعد لجنة الإسكان برئاسة النائب محمد الفيومي لمواصلة اجتماعاتها الأسبوع المقبل، وذلك لاستكمال مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإيجارات القديمة. ويهدف هذا التحرك إلى حسم المسودة النهائية قبل انتهاء دور الانعقاد البرلماني في يوليو 2025، حيث تسعى اللجنة إلى بلورة رؤية قانونية متزنة تضمن العدالة لكافة الأطراف المتأثرة، لا سيما بعد أن بات القانون الحالي لا يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في السوق العقاري المصري.
 

مقترح زيادة القيمة الإيجارية يثير انقسامًا حادًا.. هل الـ1000 جنيه كحد أدنى منصف؟

أحد أبرز النقاط الخلافية التي تفجر الجدل بين الملاك والمستأجرين تتمثل في الزيادة الإيجارية المقترحة. وتنص المادة الخامسة من مشروع التعديل على رفع الحد الأدنى للإيجار الشهري إلى 1000 جنيه.
في حين يرى الملاك أن هذا المبلغ لا يعكس القيمة الحقيقية للوحدات ولا يغطي تكاليف الصيانة والمعيشة الحالية، يصف المستأجرون هذا المقترح بأنه عبء مالي غير عادل، خاصة للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية العليا كانت قد قضت بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية لفترات طويلة دون تعديل، وهو ما يعطي دفعة قانونية لمساعي التعديل.
 

هل يتم تحرير العلاقة الإيجارية خلال 3 سنوات أم 10 سنوات؟

 

النقطة الثانية التي تشهد تباينًا واضحًا في وجهات النظر تتعلق بفترة تحرير العلاقة الإيجارية، أي المدة الزمنية التي ستُمنح للمستأجرين قبل إنهاء العلاقة القانونية الحالية وبدء تطبيق الأسعار الجديدة.
الحكومة اقترحت تحريرًا تدريجيًا خلال 5 سنوات، بينما تطالب جمعيات ملاك العقارات بتحرير أسرع لا يتجاوز 3 سنوات، في حين يتمسك المستأجرون بمطالبهم بتمديد المدة إلى 10 سنوات على الأقل، لتفادي الإخلاء القسري والضغوط المعيشية.
 

 

مقترحات جديدة: زيادات تدريجية وتقسيم جغرافي بين المناطق الشعبية والراقية

في محاولة لتقريب وجهات النظر، طرحت اللجنة البرلمانية مقترحات بديلة تقضي بـ زيادة تدريجية للإيجار بحسب المنطقة الجغرافية، بحيث تختلف معدلات الزيادة بين المناطق الشعبية والمناطق الراقية، حسب طبيعة المكان ومستوى دخل السكان.
كما طُرح خيار زيادة القيمة الإيجارية إلى 20 ضعف القيمة الأصلية المنصوص عليها في العقود القديمة، مع منح مهلة للتحرير تمتد إلى 7 أو 10 سنوات، شريطة التزام الدولة بتوفير بدائل سكنية للمستحقين من المستأجرين.
 

ماذا قال النائب محمد الفيومي؟.. تفاصيل خطة لجنة الإسكان لتحقيق التوازن المطلوب

أكد النائب محمد الفيومي، رئيس لجنة الإسكان، أن البرلمان حريص على التوصل إلى حل متوازن يحمي الطرفين ويحافظ على الاستقرار المجتمعي، مشيرًا إلى أن اللجنة تعمل وفق منهج تشاوري دقيق يشمل الاستماع لجميع الأطراف، بمن فيهم الملاك والمستأجرون، فضلًا عن استدعاء محافظي المحافظات المتأثرة بشكل أكبر مثل القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والقليوبية، ومتابعة الرأي العام والإعلام حول القضية.
 

الإيجار القديم بالأرقام: 3 ملايين وحدة و4 ملايين مواطن.. انخفاض واضح منذ التسعينات

تشير الإحصائيات الرسمية إلى تراجع حاد في عدد الوحدات المؤجرة وفق نظام الإيجار القديم، حيث انخفضت النسبة من 22% عام 1990 إلى 7% فقط في عام 2017. ويُقدّر عدد الوحدات السكنية المتأثرة بنظام الإيجار القديم بحوالي 3 ملايين وحدة يسكنها أكثر من 4 ملايين مواطن.
وهو ما دفع الدولة إلى التفكير في حلول هيكلية، منها توفير بدائل سكنية في إطار مشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط للفئات المتضررة.
 

 

تشريع الإيجار القديم الجديد.. بين حماية الساكن واسترداد حق المالك

في النهاية، فإن التعديلات المرتقبة على قانون الإيجار القديم تمثل خطوة جريئة نحو تحقيق توازن بين المصلحة الاجتماعية والاقتصادية، وسط تعهدات من الدولة بتقديم الدعم المناسب للفئات المتأثرة من أي تغييرات، مع الحفاظ على حقوق الملاك في الاستفادة من ممتلكاتهم.
وتسير الأمور نحو صياغة قانون عصري مرن يعيد الحياة إلى سوق الإيجارات، ويقلل من النزاعات العقارية، ويُسهم في تحقيق عدالة اجتماعية شاملة في ملف الإيجار السكني.

 

close