في عالم لم تعد فيه الحدود الجغرافية قادرة على حجب المآسي، بات لزامًا على النجوم أمثال بيب جوارديولا أن يضيئوا أكثر من مجرد الملاعب.
كرة القدم، اللعبة التي وحدت شعوبًا وقارات، يمكنها أيضًا أن توحد القلوب في مواجهة الألم، الظلم، والحروب.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية أن يتحول لاعبو ومدربو كرة القدم إلى أصوات للحق، لا تكتفي بالصمت خلف الشعارات، بل تخرج لتُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة البشر.
ليس المقصود أن يتحول كل نجم إلى ناشط سياسي، بل أن يدرك هؤلاء النجوم أن شهرتهم لا تُقاس فقط بعدد البطولات، بل بما يصنعونه خارج حدود المستطيل الأخضر.
بيب جوارديولا – مانشستر سيتي (المصدر:Gettyimages)
فحين يتحدث لاعب معروف أو مدرب أسطوري عن مأساة إنسانية في غزة أو السودان أو أوكرانيا، أو يدين العنصرية أو يدعو للتسامح والعدالة، فإن صوته لا يمر مرور الكرام؛ بل يخلق صدى واسعًا يتردد في أروقة الإعلام، وبين جماهير ترى فيهم قدوة ومصدر إلهام.
جوارديولا.. الطائر الصغير وسط الحريق
في هذا المشهد، يبرز بيب جوارديولا كأحد الرموز التي تجاوزت حدود التكتيك والبطولات، الرجل الذي صنع أمجاد برشلونة وبايرن ميونخ ومانشستر سيتي، وقف ذات يوم على منبر جامعة مانشستر، ليقول كلمات لم تكن عن خط وسط أو طريقة ضغط متقدم، بل عن الألم الإنساني في غزة.
تحدث بيب جوارديولا أثناء تكريمه بالحصول على الدكتوراة الفخرية من جامعة مانشستر، بعين الأب والخائف والمواطن العالمي الذي لا يرضى بالسكوت أمام القتل والدمار، قال: “ربما نعتقد أن الأمر لا يعنينا، أن ما يحدث في غزة بعيد، ولكن فكروا للحظة.. الطفل القادم قد يكون طفلك أنت”.
“It’s not about ideology. It’s not about I’m right and you’re wrong. It’s about the love of life and the care of your neighbour.”#PepGuardiola, coach of Manchester City Men’s Football Club, gives a powerful speech about the death and destruction in #Gaza, #Ukraine and #Sudan. pic.twitter.com/LErXDg4qXv
— Amnesty UK (@AmnestyUK) June 10, 2025
ثم روى جوارديولا قصة الطائر الصغير الذي ظل يُسقط قطرات الماء فوق غابة مشتعلة، بينما يسخر منه الثعبان لضعف تأثيره، فرد الطائر الصغير قائلًا: “أقوم بدوري”.
رسالة بسيطة، لكنها موجعة في صدقها؛ كل منا يستطيع أن يفعل شيئًا، مهما بدا صغيرًا.
خطاب جوارديولا لم يلفت الأنظار فقط لأنه مدرب ناجح، بل لأنه اختار أن يكون إنسانًا حين صمت الآخرون، ولأنه آمن بأن المنصة التي يقف عليها، ليست فقط لتحليل المباريات، بل للوقوف في وجه الظلم.