ضربة لعشاق القهوة والشوكولاتة.. سعر البن يزيد عالميا 60.5% على أساس سنوى.. المستهلكون يلجأون لمنتجات مغشوشة.. سعر الكاكاو يهز أسواق الشوكولاتة ويلحق خسائر بصناعتها.. واستمرار أزمة التغير المناخى يعقد الأوضاع

أصبح وضع القهوة فى السوق فى عام 2025 صعبا للغاية، حيث تستمر أسعار القهوة فى الارتفاع إلى مستوى قياسى غير مسبوق فى التاريخ، وأعلنت منظمة القهوة الدولية، عن ارتفاع سعر القهوة عالميا بنسبة 60.5% على أساس سنوى فى مايو، وبلغ متوسط سعر القهوة فى الطرح الأول للقهوة 334.41 دولار أمريكى.

 

وأشارت صحيفة لا رويبليكا الإسبانية، إلى أن سعر القهوة ارتفاع بنسبة 60.5% على أساس سنوى، ويشير تقرير منظمة القهوة الدولية إلى أن الاتجاه الصعودى قد يستمر إذا ثبتت صحة بيانات مسح توقعات المستهلكين الذى أجراه بنك الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك، ويشير التقرير إلى أن “إمكانات إنفاق الأسر لا تزال قوية بفضل انخفاض زيادة الديون، وانخفاض معدل انخفاض المدخرات وضعف ثقة المستهلك، مما يدفع استهلاك القهوة”.

 

ووفقًا للمنظمة، تشير التحركات الأخيرة، إلى أن سعر القهوة يبحث عن اتجاه، مع عوامل صعودية وهبوطية، فى الشهر الماضى، ولدت عوامل جيوسياسية مُختلفة حالة من عدم اليقين فى السوق، ولم يكن البن استثناء. ففى مايو، وعلى الرغم من ارتفاع سعر البن بنسبة 60% مقارنةً بعام 2024، إلا أنه كان أدنى مستوى له منذ يناير 2025.


وتُشير وثيقة مكتب مفوض المعلومات (ICO) إلى أن سوق بورصة لندن للسلع الدولية كان العامل الرئيسى وراء هذا الانخفاض، حيث انكمش شهريًا بنسبة 4.7% ليصل إلى 224.63 دولارًا أمريكيًا فى مايو، بينما انكمش سوق نيويورك للسلع الدولية (ICE)، حيث تُتداول قهوة السلفادور، فى الشهر نفسه بنسبة 0.6%، ليصل متوسط سعره إلى 368 دولارا أمريكيا.


وتُوضح منظمة مفوض المعلومات (ICO) قائلةً: “أحد العوامل التى قد تُشكّل ضغطًا سلبيًا أكبر على السعر هو حالة عدم اليقين العامة المحيطة بالرسوم الجمركية فى الولايات المتحدة، والتى تُولّد توقعاتٍ بانكماشٍ مُحتمل وتؤثر على قوة الطلب”، فى الأسبوع الماضى، سجل عقد القهوة الآجل “C”، وهو آلية تغطى قهوة أرابيكا من 19 دولة منتجة، انخفاضًا بنسبة 0.9%، ليغلق عند 345.30 دولارًا للقنطار.


وصرح معهد القهوة السلفادورى قائلًا: “ازداد الضغط الهبوطى بتقرير صادر عن الاتحاد الوطنى لمزارعى البن فى كولومبيا (FNC)، والذى يُقدر أن هذا البلد الواقع فى أمريكا الجنوبية قد يُصدر حوالى 11.2 مليون كيس خلال العام الحالى للقهوة (أكتوبر 2024 إلى سبتمبر 2025).”


وأفاد المعهد أن هذا الرقم يُمثل زيادة بنسبة 9.96% مقارنة بالعام السابق، علاوة على ذلك، من المتوقع أن تستمر الصادرات فى الارتفاع، مدفوعة بزيادة الإنتاج، والتى قد تصل إلى 13 مليون كيس مُصدر.

القهوة المغشوشة 

وحذرت الجهات البرازيلية من انتشار “القهوة المغشوشة ” فى الأسواق، وينتاب المستهلكون حالة من القلق فى قطاع القهوة البرازيلى، فى ظل ارتفاع سعر القهوة الأصلية لمستويات مرتفعة تاريخية، وأشارت صحيفة بولسو البرازيلية، إلى أن محصول القهوة تعرض للتلف بسبب التغير المناخى وموجة الجفاف فى البلاد، مما أدى لارتفاع الأسعار وهو ما جعل القهوة الأصلية منتجا باهظ الثمن بشكل متزايد بالنسبة للمستهلكين.

 

وأكد السلطات البرازيلية، أنه أيضا أن محلات السوبر ماركت مسؤولة عن المنتجات التى تبيعها. وبحسب سيلفا، فإن تجار التجزئة قد يرتكبون جريمة من خلال بيع منتجات “مزيفة” من خلال تقديم منتجات تتحايل على المعايير التنظيمية، وتؤكد الجمعية أن هذه المواد لا ينبغى أن تكون متاحة فى السوق دون إثبات سلامة الغذاء.

 

كما قامت السلطات الكوبية مؤخرا بتفكيك مصنع سرى للقهوة فى بلدية مارياناو الواقعة فى هافانا، والذى كان يقوم بتصنيع قهوة مغشوشة ويقوم بتعبئتها فى حاويات من ماركات معروفة بأسعار منخفضة إلى حد ما من الأسعار الحقيقية للقهوة الأصلية، وذلك بعد ارتفاع كبير فى أسعار القهوة فى الأسواق الكولومبية.

إكسيليا

وفى ظل أزمة عالمية تواجه صناعة القهوة بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، بدأت تنشط زراعة حبوب أخرى للقهوة تعرف باسم إكسيلسا، وتتميز بقدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية، ما يجعلها بديلًا واعدًا وسط التحديات التى تواجه الدول المنتجة للقهوة مثل البرازيل، التى يُتوقع أن ينخفض محصولها بنسبة 12% هذا العام بسبب الجفاف.

 

وتوقع تقرير أنه انخفض المخزونات العالمية فى موسم 2024-2025 إلى أدنى مستوى خلال 25 عاما وعليه، فإن نقص المعروض من القهوة أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، مما يعكس حالة من القلق بشأن الإمدادات، اكتُشفت حبوب قهوة إكسيلسا قبل أكثر من قرن فى جنوب السودان، وأثارت اهتمام المزارعين فى البلاد ما قد يسهم فى تعزيز اقتصاد البلاد.

 

كما تنمو إكسيلسا فى دول أفريقية أخرى مثل الكونغو وأوغندا، بالإضافة إلى الهند وإندونيسيا وفيتنام، وتتميز شجرتها بجذور عميقة وأوراق سميكة، مما يمنحها قدرة على تحمل الحرارة والجفاف، كما أنها مقاومة للعديد من الأمراض التى تصيب القهوة.

 

كما هو الحال بالنسبة للشوكولاتة، التى ترتفع أسعارها بشكل مستمر بسبب ارتفاع سعر الكاكاو عالميا،حيث أن أزمة الكاكاو ظاهرة عالمية هزت أسعار الكاكاو، خاصةً بين عامى 2023 و2025. وتعود هذه الأزمة بشكل رئيسى إلى الانخفاض الحاد فى إنتاج الكاكاو فى المناطق الرئيسية المنتجة له فى العالم، مثل ساحل العاج وغانا، اللتين تنتجان معًا أكثر من 60% من إنتاج الكاكاو العالمي.


من عام 2022 وحتى الآن، تضاعف سعر الكاكاو ومشتقاته (خاصةً المعجون والزبدة والمسحوق) ثلاث أو أربع مرات، ووفقا لبيانات منظمة التجارة العادلة فى إيبيريكا، بلغ سعر الكاكاو أعلى مستوى له على الإطلاق فى أبريل وأكتوبر 2024، حيث قُدرت قيمة الطن بـ 12,000 دولار أمريكي.


ويؤدى كل هذا إلى سلسلة من الاختلالات بين العرض والطلب نتيجة عوامل مختلفة تُسبب تقلبات الأسعار، وانخفاض الإنتاج بسبب الظروف الجوية القاسية، وخاصة الجفاف أو هطول الأمطار غير المنضبط، والآفات والأمراض التى تصيب الأشجار، والتى تستغرق من 5 إلى 6 سنوات لتنمو إذا أُعيد زراعتها، وتحويل محاصيل الكاكاو إلى محاصيل أكثر إنتاجية أو قطاعات ذات هوامش ربح أعلى.


وغياب الظروف المواتية لمزارعى الكاكاو، إذ أن ارتفاع أسعار المواد الخام لا يعنى بالضرورة زيادة فى أرباحهم، ويعود ذلك إلى سلاسل التوريد الكبيرة (مع وجود العديد من الوسطاء الذين يحصلون على نسبة كبيرة من الأرباح)، وبيع المحصول بأسعار متفق عليها مسبقًا وعدم القدرة على التفاوض وفقًا للظروف، أو زيادة أسعار الإنتاج. يمكننا تجنب هذه الديناميكيات من خلال شراء منتجات التجارة العادلة، مضاربات الشركات الكبرى، التى تمتلك احتياطيات وتسيطر على سوق المعالجة والمبيعات العالمية.


وعلى الرغم من انتشار ارتفاع أسعار الكاكاو فى جميع أنحاء العالم، إلا أن ارتفاع سعر هذه المادة الخام كان أشد وطأة فى غرب أفريقيا، تنمو شجرة الكاكاو فيما يسمى بحزام خط الاستواء، الذى يشمل القارة الأفريقية (ساحل العاج، نيجيريا، الكاميرون، وغانا) والقارة الأمريكية (جنوب المكسيك وبوليفيا، كولومبيا، كوستاريكا، الإكوادور، فنزويلا، البرازيل، وبيرو)، وتمثل ساحل العاج وغانا 60% من الإنتاج العالمي.


وفى هذا الصدد، يشير جيريت فيزوريك، الرئيس التنفيذى لشركة إيكوفينيا، الشركة الأم لعلامتى فيفانى وآى تشوك الألمانيتين للشوكولاتة العضوية وشوكولاتة التجارة العادلة، إلى أن “العديد من كبار المصنعين الأوروبيين يسعون جاهدين للعثور على الكاكاو المفقود فى أمريكا اللاتينية. يسافر المنتجون بالشاحنات إلى مختلف المزارع ويشترون الكاكاو العضوى مباشرةً من الموقع، وهو فى الواقع مضمون لنا بموجب عقد، وتتفاقم الأزمة بسبب المضاربين الذين يسعون إلى تحقيق أرباح طائلة فى سوق الأسهم.