كشفت دراسة نفسية نُشرت في مجلة Social Psychological and Personality Science أن صعود الشباب إلى طبقة اجتماعية أعلى عبر التعليم الجامعي لا يؤثر كثيرًا في شخصياتهم، رغم التغير الجذري في نمط حياتهم. وأوضحت النتائج أن معظم السمات الشخصية الجوهرية تظل ثابتة، باستثناء سمة واحدة شهدت تراجعًا ملحوظًا، وهي الميل إلى المخاطرة.أجرى الدراسة فريق بحثي من جامعتي لوزان ونيخمن، بقيادة الباحثين أناتوليا باتروش (Anatolia Batruch) ومانون فان شيبينغن (Manon van Scheppingen)، مستخدمين بيانات من المسح الاجتماعي-الاقتصادي الألماني، شملت العينة 4,776 شابًا تمت متابعتهم منذ سن المراهقة وحتى أوائل الثلاثينات.وركز الباحثون على مقارنة شريحتين من الشباب المنحدرين من خلفيات غير جامعية: الأولى التحقت بالجامعة وتمثل “الصعود الطبقي”، والثانية لم تلتحق. واعتمدت الدراسة على تقنية “مضاهاة الدرجات الاحتمالية” لضمان تكافؤ الخلفيات بين المجموعتين.اقرأ أيضًا: فرق العمر يُعيد تعريف الثقة والتوازن بين النساء والرجال.. دراسة تكشف
لا تغيّر في السمات الجوهرية.. والمخاطرة هي الاستثناء
عند تحليل التغيّرات في سمات الشخصية الخمس الكبرى (الانفتاح، الضمير الحي، الانبساط، التوافق، الاستقرار العاطفي)، إضافة إلى موضع التحكم والميل إلى المخاطرة، تبيّن أن جميع المشاركين تطوّرت شخصياتهم بدرجة متقاربة خلال الانتقال من المراهقة إلى الرشد، خصوصًا في سمتي “الضمير الحي” و”الاستقرار العاطفي”، وهي تغيّرات طبيعية في هذه المرحلة العمرية.لكن الفارق الوحيد البارز بين من التحقوا بالجامعة ومن لم يلتحقوا، ظهر في سمة المخاطرة، إذ لوحظ أن طلاب الجامعة أصبحوا أقل ميلاً للمجازفة مع مرور الوقت، مقارنة بأقرانهم. هذا الانخفاض تراكم تدريجيًا وأصبح واضحًا بعد عشر سنوات تقريبًا من دخول الجامعة.يفسر الباحثون هذا التغيّر بأن البيئة الجامعية تُعزز سلوكيات التخطيط والتفكير طويل الأمد، ما ينعكس تدريجيًا على سلوك الأفراد ويجعلهم أقل استعدادًا للمخاطرة. كما لُوحظ أن الأفراد الأكثر حذرًا في سن السابعة عشرة كانوا أصلًا أكثر ميلاً للالتحاق بالتعليم العالي.وفي المقابل، لم يجد الباحثون علاقة واضحة بين السمات الشخصية الأخرى واحتمالية صعود الفرد اجتماعيًا عبر التعليم، ما يُشير إلى أن العوامل الهيكلية (كالفرص التعليمية والسياسات الاجتماعية) تلعب دورًا أهم من الشخصية في تحديد المسارات الطبقية.