أظهرت أبحاث جديدة أن جودة التعليم في كندا تشهد تراجعا تدريجيا في السنوات الأخيرة، رغم ما يُعرف عن النظام التعليمي الكندي من قوة وتقدم عالمي.
وأشارت أحدث نتائج الاختبارات الدولية التي أجرتها الرابطة الدولية لتقييم التحصيل الدراسي (IEA) في مادة الرياضيات، أن كندا احتلت المرتبة 32 من بين 64 دولة مشاركة في التقييم العالمي المعروف، والذي يُجرى كل أربع سنوات لطلاب الصفين الرابع والثامن.
وتضمنت الاختبارات ستة أنظمة تقييم مرجعية، وشاركت 59 دولة وستة أنظمة تقييم في اختبارات الصف الرابع، و44 دولة وثلاثة أنظمة مرجعية في اختبارات الصف الثامن.
وعلى الرغم من أن كندا لا تزال من بين الدول العشر الأوائل في نتائج اختبار (PISA) لعام 2022، والذي يقيس مهارات طلاب يبلغون 15 عاما في الرياضيات والقراءة والعلوم، فإن الاتجاه العام في الأداء الوطني الكندي يشهد تراجعا مستمرا منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وفقا للخبراء.
كما شارك نحو 690 ألف طالب من 81 دولة في اختبار PISA، من بينهم أكثر من 23 ألف طالب كندي من 867 مدرسة خضعوا لاختبارات في الرياضيات أو القراءة أو العلوم.
في المقابل، جاءت دول شرق آسيا مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية والصين واليابان في صدارة الترتيب في كلا الاختبارين.
من جانبه، ذكر جون ريتشاردز، الخبير في السياسات الاجتماعية والتعليمية، أن كندا تواجه ثلاث مشكلات رئيسية ينبغي معالجتها.
وأوضح لـ CTV News: “أولا، تراجعنا في المواد الثلاث كلها (الرياضيات، والقراءة، والعلوم) مقارنة بالمستويات المرجعية الأولية”.
ثانيا، كان أداء المقاطعات الأربع الكبرى “كيبيك، وأونتاريو، وبريتش كولومبيا، وألبرتا” أفضل نسبيا، وتراجعها كان أبطأ من المقاطعات الست الأصغر التي شهدت تراجعا أسرع.
أما النقطة الثالثة، فيقول ريتشاردز: “إن أكبر تراجع لدينا كان في مادة الرياضيات”.
وأحد الحلول المطروحة لتدارك المشكلة يرتبط بإعادة تنظيم العام الدراسي في المقاطعات الكندية بما يوفّر فرص تعلم أكثر انتظاما للطلاب.
وبدأت بعض المقاطعات والمؤسسات التعليمية في كندا دراسة اعتماد نظام الدراسة على مدار العام بدلا من العطلة الصيفية الطويلة، وسط دعم متزايد لهذا التوجه.
وكان معهد Fraser قد دعم في عام 2023 فكرة منح المدارس حرية تحديد مواعيد العام الدراسي، لافتا إلى مصطلح جديد اكتسب رواجا بين الخبراء وهو “خسارة التعليم خلال الصيف”، في إشارة إلى التراجع الذي يطرأ على مهارات الطلاب خلال العطلة الطويلة.
كما قال تود كانينغهام، أخصائي نفسي تربوي وأستاذ مشارك في معهد دراسات التعليم بجامعة تورنتو، إن الدراسات تظهر أن النظام الدراسي المستمر على مدار العام يعود بفائدة أكبر على الطلاب، مقارنة بالعطلات الطويلة.
لكنه أشار إلى أن بعض الأطفال يمكنهم الحفاظ على مستواهم أو حتى التقدم بعد العطلة، إذا توفرت لهم بيئة تعليمية محفزة في المنزل، ووسائل مساعدة على تنمية المهارات.
وأضاف: “الأطفال الذين تتوفر لديهم الإمكانات والفرص سيواصلون تطوير مهاراتهم، أما من لا يمتلكون تلك الإمكانات أو البيئة الداعمة، فلن يحققوا التقدم ذاته، وعند عودة الجميع إلى الدراسة في سبتمبر، يظهر الفارق بوضوح بين المجموعتين”.
ويرى كانينغهام أن المناهج التعليمية في كندا تتأثر أحيانا بالقرارات السياسية أكثر من اعتمادها على أفضل الممارسات التربوية، داعيا إلى إعادة توجيه تدريب المعلمين بما يتماشى مع أحدث الأدلة البحثية حول تعليم مهارات القراءة والحساب.
كما لفت إلى أن المعلمين يواجهون تحديات جديدة داخل الصفوف، وأن هناك حاجة للاستثمار في تطوير معارفهم ومهاراتهم، وتوفير دعم إضافي لهم.
وأكد ريتشاردز أن المؤسسات التعليمية لا يمكن اختزالها في عنصر واحد، بل تشمل عناصر متعددة كالنقابات التعليمية والميزانيات الإقليمية.
وتابع: “تحسين أساليب التدريس يساعد، لكنه لا يكفي.. لا أعتقد أن هناك حلا سحريا يعيد كندا إلى موقعها التعليمي السابق في بداية القرن”.
اقرأ أيضا: