اعتبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي يظل في حاجة إلى مزيد من التعميق والإغناء، مشددا على ضرورة تخطي الإصلاحات الجزئية والإيمان بالتحول الشمولي لهذه المنظومة، بدل الاكتفاء باستنساخ نفس أحكام القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.وأضاف المجلس، ضمن مضامين رأيه حول مشروع قانون التعليم العالي والبحث العلمي، استجابة لإحالة واردة من رئيس الحكومة، وبعد المصادقة عليه من قبل الجمعية العامة للمجلس في دورتها الثامنة المنعقدة يوم 20 ماي 2025، أن سن قانون جديد خاص بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يفتح على محطة مهمة في مسار النهوض بهذه المنظومة.وأوصى المجلس، الذي تترأسه رحمة بورقية خلفا للحبيب المالكي، بضرورة جعل مشروع القانون ذي أولوية قصوى في مسار إصلاح منظومة التعليم العالي، استدراكا للزمن السالف واستشرافا لأفق أكثر وضوحا. وهو ما يستلزم، حسب المجلس دائما، إرساء جميع دعامات الشمولية والوضوح والدقة، والبناء النسقي الأحكام هذا النص التشريعي الجديد.وأوضح خلاصات الرأي، الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن النص الجديد وإن حاول تغطية مختلف جوانب منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إلا أنه يظل في حاجة إلى مزيد من التعميق والإغناء، وتوضيح عدد من أحكامه بالقدر الذي يمنع أي لبس في التعاطي معها خلال التطبيق والحال أنه نص يضع إطارا تشريعيا لهذه المنظومة لزمن بعيد المدى.وفي نفس المنظور، يرى المجلس أن النص التشريعي لا بد وأن يأخذ بعين الاعتبار فعلية تخطي الإصلاحات الجزئية وأن يؤمن تحولا شموليا لهذه المنظومة، بدل الاكتفاء باستنساخ نفس أحكام القانون الإطار، مؤكداً أن هذا ما أدى بالمجلس في دراسته للمشروع إلى التميز بين الملاحظات الجوهرية التي تسائل القضايا ذات الطابع الهيكلي، وعلى الخصوص تلك التي تتصل بالخيارات الكبرى، وبين الملاحظات التفصيلية التي تتعلق بإشكاليات هيكلية يعتبرها المجلس في صدارة الأولويات، والملاحظات التقنية التي تهم ببنية مشروع القانون، وانسجامه الداخلي.بالنسبة لهيكلة التعليم العالي وتنظيمه، انتهى المجلس، حسب الرأي ذاته، في دراسته لمشروع القانون، إلى وجوب تحديده لسياسة الدولة في هذا القطاع، وإضفاء القوة التشريعية اللازمة على الهيكلة المرغوبة، بما يضمن تماسكها أمام أي تقلبات، ويعزز وضوح الأدوار والمسؤوليات، وهو ما يستلزم التنصيص في نفس النص التشريعي على آجال زمنية محددة، لوضع المخطط المتعدد السنوات المتشاور بشأنه لتجميع مكونات التعليم العالي لما بعد البكالوريا، طبقا لمقتضيات القانون 51.17 الإطار.أما عن العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص، فقد أكد المجلس أنه لن تتأتى إعادة بناء منظومة منصفة وفعالة ومتوازنة ومتناغمة مع حاجات المجتمع والاقتصاد، دون وضع تصور واضح بخصوص دور القطاع الخاص في علاقته بالقطاع العام للتعليم العالي، ضمن الإطار التشريعي الجديد، يضمن فعلا التكامل بين مكونات المنظومة ويدرأ اللامساواة والفوارق، ويرسخ الالتزام بمبادئ المرفق العام، وتنفيذ الالتزامات المرتبطة بمرجعيات التعاقد بين الدولة والقطاع الخاص.وشدد الرأي ذاته أن المقتضيات المتعلقة بالبحث العلمي والتقني والابتكار الواردة في مشروع القانون، لا توازي سعي بلادنا لأن تصبح قطبا مرجعيا في هذا المجال، مستدركاً أنه يرى الحاجة ماسة اليوم إلى مراجعة عميقة لمشروع القانون في اتجاه التنصيص على الخصوص، على وضع رؤية استراتيجية وطنية للبحث العلمي والابتكار، يتم تحيينها باستمرار، تستند إلى المرجعيات المشتركة للإصلاح، وتستشرف المدى البعيد، وتمكن من إرساء نظام وطني ومجالي مندمج، تتكامل فيه وتتعاضد جهود جميع الفاعلين والمتدخلين في البحث العلمي والابتكار.