سيرة مذهلة تبدأ بالدم وتنتهي بالمجد.. من عبد قاتل إلى أب روحي لرهبان وادي النطرون
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم الثلاثاء المقبل، الموافق الأول من يوليو، بذكرى استشهاد القديس الأنبا موسى الأسود، أحد أعجب الشخصيات في تاريخ القديسين، والذي انتقل من حياة الجريمة والقتل والوثنية إلى النسك والرهبنة والشهادة.
ويُعرف الأنبا موسى الأسود في كتب السنكسار بـ”العبد التائب” أو “اللص القديس”، حيث كانت حياته الأولى مليئة بالشر، لكنه تحول إلى أيقونة في التوبة والقداسة، ويُكرَّم اليوم جسده بدير البرموس بوادي النطرون.
من عبد قاتل إلى باحث عن الله
نشأ موسى عبدًا لدى قوم يعبدون الشمس، وكان معروفًا بقوته وجبروته وسلوكه العنيف. ارتكب جرائم قتل وسرقة، وعاش حياة الإفراط في الشهوات، وكان لا يهاب أحدًا.
لكنه في لحظة صدق، نظر إلى الشمس وقال:
“أيتها الشمس، إن كنتِ أنتِ الإله فعرفيني، وإن كنتِ لستِ الإله، فأين هو الإله الحقيقي؟”
وسمع موسى صوتًا يخبره أن “رهبان وادي النطرون يعرفون الله”، فتقلد سيفه وسار نحو الصحراء، وهناك بدأت رحلته نحو النور.
بداية حياة التوبة والنسك
وصل موسى إلى برية وادي النطرون، حيث استقبله القديس إيسيذوروس القس، ثم عرضه على القديس مقاريوس الكبير الذي عمده وقبله راهبًا.
ومنذ تلك اللحظة، اندفع موسى الأسود في نسك شديد، فاق فيه كثيرًا من القديسين، وكان يتغلب على شهواته القديمة بالصوم والصلاة وخدمة الآخرين.
كان يستيقظ ليلًا ليمر على قلالي الرهبان ويملأ جرارهم بالماء من بئر بعيدة، وكان الشيطان يقاتله بشدة، لكنه لم يتراجع، حتى قال عنه القديسون إنه صار جسدًا كخشبة محروقة من كثرة العبادة.
من رهبنته إلى الكهنوت
بعد سنوات طويلة في حياة الزهد والتوبة، التف حوله المئات من الإخوة الرهبان، وانتخبوه ليكون قسًا عليهم.
وعندما ذهبوا به إلى البطريرك ليرسمه، اختبره البطريرك قائلًا:
“من ذا الذي أتى بهذا الأسود إلى هنا؟ أطردوه!”
فأطاع موسى وخرج، وهو يقول لنفسه: