النظام الإيراني يواصل القمع عبر التعليم: استهداف الجيل الشاب بأساليب جديدة

في إطار تصعيد سياسات القمع داخل المجتمع الإيراني، أبرم النظام اتفاقية مثيرة للجدل تهدف إلى إدماج الأجهزة الأمنية داخل المنظومة التعليمية. هذا التطور يعكس خوف النظام من تأثير الجيل الجديد، الذي برز كقوة معارضة قوية خلال الانتفاضات الأخيرة. حيث يسعى النظام إلى تحويل التعليم إلى أداة للسيطرة وترسيخ العقيدة الرسمية. هذه السياسات تُظهر مدى قلق السلطات تجاه وعي الشباب وإصرارهم على التغيير.

استراتيجية خنق الوعي الشبابي

الاتفاقية بين وزارة التربية والتعليم وقوى الأمن الإيرانية ليست خطوة مفاجئة، بل جزء من استراتيجية تهدف إلى كسر إرادة الشباب الذين شاركوا بجرأة في احتجاجات 2019 و2022. هذه الاحتجاجات أظهرت تطلع الطلاب والنساء، تحديدًا، إلى الحرية ومعارضة النظام القمعي. وعلى الرغم من الرد العنيف من النظام، إلا أن الشباب أبدوا صمودًا لافتًا، مما جعلهم هدفًا مباشرًا لمحاولات السيطرة الفكرية.

التحكم بالمناهج الدراسية

وزير التعليم الإيراني، عليرضا كاظمي، أكد دعمه الكامل للأجهزة الأمنية، مشددًا على أن المدارس تُعتبر أدوات للترويج للعقيدة الرسمية. كما أعلن عن مراجعة عميقة للمناهج الدراسية لتركيزها على “الثوابت الدينية والقيم القرآنية”. الهدف من ذلك واضح: تحويل التعليم من وسيلة للتطوير الفكري إلى أداة تخدم توجهات النظام العقائدية وتحد من التفكير النقدي الحر.

التلاعب بعقول الشباب

من جانبه، وصف قائد قوى الأمن، أحمدرضا رادان، المدارس بأنها محاور أساسية للتحكم في المجتمع، مشددًا على خطورة “المافيا الفكرية” التي تستهدف عقول الشباب عبر الإنترنت. واعتبر أن تشكيل توجهات العقل يبدأ من الطفولة والمراهقة، مما يُبرز الدور المركزي للمدارس في تنفيذ الأجندات التربوية الأمنية.

آثار الاتفاقية على المجتمع الإيراني

الاتفاقية تدّعي أنها تهدف إلى نشر الوعي العام وتقليل الأضرار الاجتماعية، لكنها تخفي أجندة تهدف إلى إحكام السيطرة على الطلاب منذ سن مبكرة. النظام يسعى لإعادة تشكيل العقلية الشبابية لتتماشى مع ولاية الفقيه، عبر ضخ القيم الدينية والدعاية السياسية في جميع مراحل التعليم.

معركة لم تُحسم بعد

على الرغم من إجراءات النظام المكثفة، يظل الجيل الإيراني الصاعد رمزا للتغيير. فالتلاعب بالمناهج وتشديد الرقابة على المدارس لن يتمكن من كسر إرادة الشباب، الذين يتطلعون إلى مستقبل أفضل يتجاوز القيود القمعية للنظام. اليوم، تدور المعركة الحقيقية حول عقول وقلوب الشعب، حيث يواجه النظام تحديًا وجوديًا أمام وعي جيل بات يعرف جيدًا طموحه وقيمه.

close