دور العمدة أرهقـني نفسياً
مشهد قتل غلاب لشقيقه صدمنى أنا شخصياً
فنان قدير.. واحد من نجوم الدراما نهاية الألفية الماضية.. قدم أدوارا متنوعة ليحفر اسمه بين الكبار بأداء متميز ومشوار فنى طويل. أحمد عبدالعزيز أعرب لنا عن سعادته بردود الفعل حول مشاركته فى دراما “فهد البطل”، وتحدث معنا عن كواليس مشاركته وتفاصيل تقديمه لشخصية العمدة غلاب، وأشياء أخرى نعرفها فى هذا الحوار.
حدثنا عن كواليس ترشيحك لشخصية العمدة غلاب..
تلقيت اتصالا من الفنان أحمد العوضى وتحدث معى وطلب منى المشاركة بناء على طلب المخرج وجهة الإنتاج، وقال لى انه بمجرد قراءته لشخصية العمدة غلاب لم يجد صورة فى مخيلته لفنان آخر يقدمها سواى، وأنه كواحد من الجمهور المتابع لمشوارى الفنى يرانى الأصلح، وبالطبع شكرته على تقديره وطلبت السيناريو لأتفاجأ بشخصية غلاب التى لا يمكن رفضها، فهى تجمع الكثير من العناصر الفنية الجاذبة، كما أنها تعيدنى للدراما الصعيدية ذات الرونق الخاص والجماهيرية الكبيرة.. وبالفعل وافقت على المشاركة لأبدأ بعدها استعداداتى للشخصية.
ما هى تلك الاستعدادات؟
أتحدث هنا عن الاستعدادات الظاهرية من حيث الشكل الخارجى الذى يساعد بشكل كبير ليس فقط فى نجاح الشخصية ولكن أيضا فى تلبسها وشعور الممثل بصدقها.. وقد بدأت بعمل اللوك الخاص بغلاب فى منزلى واستدعيت الكوافير والماكيير الخاص بى وبدأت فى رسم صورة غلاب داخلى ، حتى إننا أثناء البروفات والحديث عن تلك التفاصيل كان المخرج محمد عبدالسلام متفاجئا بتلك التحضيرات التى طورت منها، ومع كل تغيير كنت أقوم بإرساله عبر الهاتف إلى عبدالسلام، ومع بداية التصوير كانت شخصية غلاب قد ملأت تعابير وملامح شكلى الخارجى.
إذن.. كيف تعاملت مع جوهر الشخصية؟
قد يكون غريبا أن أقول إننى شعرت ببعض التعاطف مع غلاب الذى كان ضحية بعض الظروف، وبالطبع فهذا لا يبرر له فعلته بشقيقه وأولاده، لكن دراستى للخلفية النفسية القادم منها هذا الغلاب جعلتنى أتوقف طويلا حول أول جريمة قتل فى التاريخ، والتى كان طرفاها ابنى آدم قابيل وهابيل، والغيرة بين الأشقاء والتى تذكيها معاملة الوالدين فى التفرفة بين أولادهما، وهى رسالة مبدئية حول أنماط التربية، وما حدث من شعور غلاب بالظلم بعد رفض أهل حبيبته له، بينما يحصل شقيقه على كل شىء، بداية من حبيبته وحتى “عمودية” القرية التى كان أحق بها من شقيقه بصفته الأكبر عمرا كما هو متعارف عليه.
تعاطفك مع غلاب لم يمنع كراهية الجمهور له..
بالفعل وهو ما يؤكد نجاحى فى تقديمه، لكن تعاطفى معه لا يبرر ظلمه بكل تأكيد، فهو قاتل فى النهاية، لكن لكل جريمة عناصرها وأيضا دوافعها، فهناك شياطين الإنس مثل توفيق التمساح صديق السوء وأيضا “عجيبة”، بخلاف نفسه التى زينت له سوء عمله لنراه يقتل شقيقه ويجلس ليلقى باللوم عليه، وكذلك آفة البشر وهى الطمع، لكونه ولد ثريا أو كما نقول “ابن عمدة”، فقد كان من الممكن أن يكتفى بما يملكه من أراض، لكنه قرر زراعة المخدرات والاتجار فى الممنوعات، ومن هنا يمكن تفسير معظم أنواع الصراع فى الحياة وليس الدراما فقط، وتلخيص ذلك فى الغيرة والطمع.
البعض يلومك على تقديم النماذج الأكثر عنفا وشرا، فما رأيك؟
صحيح أتفق على أن غلاب ربما يكون الشخصية الأكثر عنفا وشرا بين كل ما قدمته خلال مشوارى الفنى، لكن علينا أن نعلم أن هذا الشر هو إحدى كلاسيكيات الصراع الدرامى والواقعى أيضا، ففى تراثنا الشعبى والدينى وفى الموروثات قصص كثيرة مثل سعد اليتيم.. كما ذكر القرآن الكريم قصة قابيل وهابيل ويوسف وإخوته.. وهناك التراث الأدبى المصرى أو حتى العالمى مثل الإخوة كارامازوف، وحتى الواقع الحالى نسمع ونرى ونقرأ عن مثل تلك الأحداث كثيرا، فالمؤلف الدرامى ليس فيلسوفا يجلس فوق برجه العاجى، والحقيقة أن السيناريست محمود حمدان صاغ هذا الصراع بمنظور مختلف وأحداث جديدة استطاعت جذب أنظار الجمهور منذ عرض الحلقة الأولى من “فهد البطل”.
لماذا عقد جمهور السوشيال ميديا المقارنة بين غلاب وشخصية البدرى التى قدمتها فى مسلسل “ذئاب الجبل”؟
ربما لفتت نظر الجمهور عودتى للدراما الصعيدية لأن هذا هو الرابط الوحيد بين الدورين، حيث يختلفان تماما فى كل شىء، فالبدرى لم يبحث عن قتل شقيقته نظرا لشر دفين داخله أو غيرة وطمع، لكن “ذئاب الجبل” ناقش بعض الموروثات الخاطئة كعدم زواج الفتاة خارج قبيلتها أو عائلتها، وكذلك تعليم الفتيات، وغير ذلك من موروثات انتهت بفهم البدرى، نظرا لأن قلبه به خير، ولأن الحب طرق باب قلبه.. أما غلاب فالرؤية مختلفة تماما كما ذكرت من شره وجرائمه النابعة من الغيرة والطمع.
ما أصعب مشاهدك فى “فهد البطل”؟
وتيرة المشاهد للشخصية كانت خاطفة منذ البداية، فالشعور النفسى بالرفض سواء من جانب الوالد أو من جانب أهل حبيبته وفاء خلق مشاهد قوية وريأكشنات بدأت ساخنة مع الحلقات الأولى، وربما كان مشهد غسل جثمان شقيقه هو الأصعب لما فيه من محاكاة للدوافع النفسية وأسباب الكراهية، فالمشهد لحديث من طرف واحد تداخلت فيه كل المشاعر، فرغم كون القاتل يتحدث مع جثة شقيقه المقتول نرى مشاعر اللوم على المقتول وأيضا الندم الدفين حول ما وصل إليه ومشاعر كثيرة متضاربة ربما تكون معظمها شريرة إلا أنها معقدة وتحاكى سيكودراما الشخصية.
ماذا عن الكواليس؟
جرى تصوير العمل فى العديد من الأماكن بالنسبة لدورى أبرزها سراى غلاب فى مدينة الإنتاج الإعلامى بأكتوبر.. أما مشاهد أرض غلاب والمحاجر والمخازن فقد تم تصويرها فى ضواحى الجيزة، منها مناطق أبورواش وسقارة ودهشور، وانتهينا من التصوير فى منتصف شهر رمضان، وسعدت بتلك الكواليس مع المخرج محمد عبدالسلام، وكثيرا ما كنت أقول له “انت طماع أكتر من غلاب” لأنه يريد إخراج أفضل ما فى الممثل، وهو أمر محمود، وكنا نجلس طويلا للحديث حول اللوك الخارجى وكذلك تفاصيل كل مشهد خاصة مشهد قتل غلاب لشقيقه وسبق الإصرار والدوافع وتفاصيل أخرى فى غاية الدقة أسهمت بشكل أو بآخر فى نجاح العمل.
هل تابعت ورصدت ردود الفعل حول دورك؟
بالتأكيد، فأنا متابع جيد للسوشيال ميديا، وأراها إحدى الوسائل التى سهلت على الممثل مسألة تقييم نجاحه لما فيها من حيادية وآراء بعيدة عن المجاملات، ولفتت نظرى تعليقات الجمهور حول البداية القوية ومفاتيح الشخصية التى ألقيت بها منذ بداية عرض العمل وتفاعل الجمهور حولها، وكان هذا التفاعل الجماهيرى بداية للاطمئنان على النجاح، بعدها تلقيت التهانى والتفاعل من جمهور الشارع والأصدقاء خاصة أننى أقدم الشر بحذافيره لأول مرة.
كيف رأيت العمل مع أحمد العوضى؟
العوضى فنان محبوب ولديه التزام وتدقيق فى تفاصيل كثيرة، وهو يحب عمله ويبحث دائما عن الإجادة والتطوير فيه، والحقيقة أن فريق العمل ككل كان مفاجأة، حتى الوجوه الشابة التى التقيتها ومنهم الشاب أحمد ماجد الذى قدم دور ابنى وكان له عملان خلال الماراثون بأدوار متنوعة، وأتوقع له مستقبلا فنيا كبيرا، وغيره من الشباب الموهوب، وكذلك الجراندات مثل صفاء الطوخى ومحمود البزاوى، وجميعهم كانوا عناصر مهمة وموهبتهم هى سر نجاح العمل.