علاج السرطان .. في خطوة ثورية في مجال علاج الأورام، أعلنت هيئة الصحة الوطنية البريطانية NHS عن إطلاق علاج جديد يُعرف إعلاميًا بـ”الحقنة الخارقة”، يُتوقع أن يُحدث تحولًا كبيرًا في رعاية مرضى السرطان. العلاج الجديد يُعطى على شكل حقنة تحت الجلد ويستغرق من ثلاث إلى خمس دقائق فقط، مقارنة بالتقنية السابقة التي كانت تعتمد على التسريب الوريدي وتستغرق ساعة أو أكثر.
ما هي الحقنة الخارقة نيفولوماب؟
الدواء الجديد يحمل الاسم العلمي نيفولوماب، وهو نوع من العلاج المناعي يُصنَّف ضمن فئة الأجسام المضادة وحيدة النسيلة. يعمل نيفولوماب عن طريق تثبيط بروتين يُعرف باسم PD-1، وهو بروتين يوجد على سطح نوع معين من خلايا المناعة يُطلق عليه “الخلايا التائية”. هذا التفاعل يُساعد في منع الخلايا السرطانية من تعطيل استجابة الجهاز المناعي، مما يُمكِّن الجسم من مهاجمة الخلايا المصابة بالسرطان وتدميرها بكفاءة أكبر.
تطور تقني يوفر الوقت والجهد
كانت آلية إعطاء نيفولوماب في السابق تتم من خلال التسريب الوريدي داخل المستشفى، وقد تستغرق الجلسة ما بين 30 إلى 60 دقيقة. أما اليوم، فقد تم تطوير العلاج ليُعطى عن طريق حقنة تحت الجلد لا تتعدى مدتها خمس دقائق. تُعطى هذه الحقنة مرة كل أسبوعين أو مرة شهريًا، ما يمثل طفرة في سهولة وفعالية تلقي العلاج بالنسبة للمرضى.
ومن المتوقع أن يستفيد من هذا التطور الجديد نحو 1200 مريض شهريًا في إنجلترا، ما يجعل NHS في طليعة المؤسسات الصحية التي تعتمد هذه التقنية الحديثة في أوروبا.
رأي الخبراء حول العلاج الجديد
عبّر عدد من الخبراء البريطانيين عن تفاؤلهم الكبير بهذه الخطوة الطبية الرائدة.
وقال البروفيسور بيتر جونسون، المدير الوطني السريري للسرطان في هيئة NHS إنجلترا:
“العلاج المناعي كان ولا يزال أحد أبرز الإنجازات في علاج السرطان، والآن أصبح بالإمكان تقديمه بطريقة أكثر راحة وسرعة للمريض، وهذا يُمثل تطورًا هائلًا في الرعاية الصحية”.
من جهتها، قالت وزيرة الصحة العامة البريطانية أشلي دالتون، والتي كشفت مؤخرًا عن إصابتها بسرطان الثدي للمرة الثانية:
“بريطانيا تُعد من الدول الرائدة في مجال الابتكار الطبي، وهذه الحقنة الجديدة خير مثال على ذلك. من الرائع أن مرضى NHS سيكونون من أوائل المستفيدين في أوروبا من هذا التقدم الطبي الهائل”.
وأضافت الوزيرة أن الحكومة البريطانية ستواصل دعم تطوير الأدوية والتقنيات الحديثة لضمان استفادة المواطنين من أحدث ما توصل إليه العلم في مجال الرعاية الصحية.
الموافقة الرسمية والتجارب السريرية
حصل هذا العلاج مؤخرًا على موافقة وكالة الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية MHRA، مما مهد الطريق لتطبيقه على أرض الواقع في مستشفيات إنجلترا.
وفي التجارب السريرية، عبّر المرضى عن رضاهم التام عن طريقة إعطاء الحقنة تحت الجلد. وأظهرت النتائج أن نيفولوماب ينتج نفس فعالية الشكل الوريدي من حيث كمية الدواء التي تصل إلى الجسم، كما سجلت أعراضًا جانبية مماثلة، ما يعني أن الفعالية لم تتأثر بطريقة الإعطاء الجديدة.
تطبيق العلاج في الشهر المقبل
أكدت هيئة الصحة الوطنية NHS أن أولى دفعات المرضى الذين سيحصلون على هذا العلاج الجديد سيتم استقبالهم خلال الشهر المقبل، فور وصول الإمدادات الدوائية إلى المملكة المتحدة.
وفي هذا السياق، قال جيمس ريتشاردسون، الصيدلي السريري والمستشار الوطني للأدوية الخاصة بالسرطان:
“نحن متحمسون لتقديم هذا العلاج الفعال والسريع لمرضى NHS. إنه قادر على معالجة أنواع متعددة من الأورام، بما في ذلك سرطان الجلد وبعض الأورام الصلبة كأورام الكلى. هذه الخطوة تمثل نقلة كبيرة في علاج السرطان، وستؤثر إيجابًا على حياة آلاف المرضى كل شهر”.
اختبارات إضافية باستخدام الذكاء الاصطناعي
بالتوازي مع هذا العلاج، طوّر فريق من الباحثين في جامعة ساوثهامبتون اختبارًا يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل عينات الدم. الهدف من هذا الاختبار هو الكشف المبكر عن السرطان من خلال رصد أجزاء دقيقة من المادة الوراثية القادمة من الأورام.
ويُتوقع أن يُطبَّق هذا الاختبار على أكثر من 8000 مريض، وسيركز على كشف 12 نوعًا من أكثر أنواع السرطان شيوعًا، من بينها:
سرطان الأمعاء
سرطان الرئة
سرطان الثدي