عقدت «اليوم السابع» ندوة لمناقشة موسم دراما رمضان 2025، وآليات التطوير من أجل موسم درامى متميز فى 2026، وذلك بحضور الكاتب أكرم القصاص رئيس مجلس إدارة اليوم السابع، والكاتبة الصحفية علا الشافعى رئيس تحرير اليوم السابع، ومحمد سرى، مدير المشروعات فى شركة ميديا هب «سعدى جوهر»، وأشرف عبدالمعبود رئيس رابطة المنتجين، والسيناريست أنور عبدالمغيث، والسيناريست عمرو سمير عاطف، والناقد عصام زكريا، والناقدة صفاء الليثى.
وقال أكرم القصاص رئيس مجلس إدارة اليوم السابع: تابعتم جميعا ما شهدته الساحة الفنية خلال الفترة الماضية ومواسم الدراما المختلفة، واليوم نحن على أمل أن نسمع منكم رؤى جديدة وأفكارا يمكن أن تسهم فى تشكيل مستقبل الدراما المصرية ودعم العاملين فى هذا المجال.
أزمة النص عالمية
من جانبه، قال السيناريست أنور عبدالمغيث «الموسم الرمضانى الماضى قدمنا أعمالا بشهادة الجميع تُدرَّس، مستعينين بكُتّاب كبار يمتلكون قدرا مذهلا من الإبداع، وأزمة النص التى دائما ما نسمعها، هى ليست محلية فقط؛ إنها أزمة عالمية، حتى فى أمريكا هناك شكاوى مستمرة بشأن النصوص والقصص، ونحن لدينا مخرجون مبدعون، وممثلون استثنائيون، لكن مشكلتنا الحقيقية تكمن فى غياب الإنتاج الطموح الذى يتناسب مع طاقاتنا الفنية، فنحن دائما نخشى المجازفة فى الدراما».
وتابع عبدالمغيث: الفنان بطبيعته كيان قلق، مُثقل بأسئلة إبداعية وفلسفية، وهو يمارس فنه من موقع القلق تجاه لحظته التاريخية، فلو كان مستقرا ومتصالحا مع هذه اللحظة، لما وجد دافعا للإبداع، كما نقول دائما، السعداء لا يملكون قصة، بينما من يعانى أزمة هو من يروى الحكاية، لذا لا أرى مبررا للضجة الحالية.
هذا الموسم الدرامى شهد إنتاجات غير مسبوقة على مدى عشرين عاما، مثل «جودر، الشرنقة، لام شمسية، ولاد الشمس».
بدوره، قال الناقد عصام زكريا: كالعادة، بعد موسم رمضان من كل عام، نغوص فى مثل هذه المناقشات والاجتماعات، وهى ضرورية ومهمة للغاية؛ فلولا النقد المستمر على مدار السنوات لما حققنا التقدم الذى رأيناه فى الموسم الماضى، فبمرور الوقت يدرك صنّاع الدراما أهمية التغيير، وعلى سبيل المثال، فكرة التخلص من الالتزام الصارم بمسلسلات الـ30 حلقة لصالح حلقات أقل، أو التطرق لموضوعات جديدة بعيدا عن التكرار، وحتى الاتجاه نحو الأعمال الخيالية، ومسلسل جودر هو أحد الأمثلة الواضحة على نتائج هذه الانتقادات، فأنا أرى أن النقد دائما ما يُثمر على المدى البعيد.
المنافسة شرسة
وتابع زكريا: نحن كنقاد، نعمل على تحليل الأعمال، وليس على تحديد ما هو الجيد أو السيئ، واليوم أصبح بإمكان الجميع مشاهدة الدراما من مختلف أنحاء العالم، ما يجعل المنافسة شرسة والتحديات أكبر، ورغم ذلك نحن نمضى قدما، لكن طموحاتنا لا تزال أعلى بكثير، وعلينا أن نكافح من أجل حرية الإبداع، حتى وإن كانت هناك أعمال تسىء استخدام هذه الحرية، فهذا جزء من الثمن الذى ندفعه، فلكل شىء إيجابيات وسلبيات، لذا يجب أن نتقبل وجود بعض الأعمال التى قد تتجاوز الحدود أو تخرج عن النص، لكن المهم أن نستمر فى التقدم.
أما الناقدة صفاء الليثى، فقالت: إننى أؤمن بأن اختيار الأفكار المناسبة هو العمود الفقرى لأى عمل درامى ناجح، فليس كل فكرة قابلة للتنفيذ على الشاشة، فالدراما تُقدم للناس، والناس يتطلعون لمشاهدة أعمال تشد انتباههم وتجذبهم، يجب أن يسبق الإنتاج الدرامى دائما الجودة والإبداع لأنهما مفتاح النجاح، ومن المسلسلات التى أتذكرها وتألقت بشكل كبير مسلسل «أفراح القبة» ومسلسل «هذا المساء».
وأضافت صفاء: أذكر أننى شاهدت مؤخرا مسلسلا تركيا يتضمن مشاهد رقص، ولكنها كانت مشاهد جميلة ومُحكمة الإخراج، ولم تكن مُثيرة للجدل أو مؤذية للعين، وفى مسلسل «أفراح القبة»، كانت هناك مشاهد رقص راقية ومُتقنة، ما يدل على أن الإبداع والرقى يمكن أن يتواجدا معا فى العمل الدرامى.
بينما أكد السيناريست عمرو سمير عاطف، أن أكبر التحديات التى تواجه صناعة الدراما اليوم تكمن فى ضيق الميزانيات وضيق الأوقات المخصصة للإنتاج، وقال: كتبت سيناريو مسلسلى الأخير خلال ثلاثة أشهر، ثم طُلبَ منّا أن ننهى تصويره فى 30 يوما فقط، ضيق وقت زمن الكتابة وزمن التنفيذ وضعنا تحت ضغط هائل، وجعلنا نركض خلف الساعات بدلا من أن نكرّسها لصقل التفاصيل الدرامية.
وأضاف سمير: هذا بجانب أيضا أننى بشكل شخصى معظم أعمالى التى أكتبها بوليسية، وعندما أكتب عن مهن بعينها فى العمل أحرص أن تكون متعددة الأبعاد من الناحية الشخصية والعملية، فيجب ألا تكون هناك حساسية من تناول مهن أو وظائف بعينها فى الأعمال الدرامية، وألا تكن النظرة ضيقة ويتم التعامل مع النص الدرامى وكأنه حقيقة.
وتابع سمير: لو توافرت ساعات إضافية وأموال كافية، لخرجت الأعمال بصورة أكثر تماسكا وجمالا، حينها سنكون قادرين على تقديم عمل درامى يرتقى إلى مستوى الطموحات الفنية ويشبع فضول المشاهدين.
الهدف التجارى
أما السيناريست إياد صالح، فقال: لطالما شاهدت نقاشات حول إنقاذ الدراما المصرية، حتى قبل انخراطى فيها، وأظن أن المشكلة الأساسية تكمن فى تعاملنا مع صناعة المسلسلات على أنها مجال فنى وثقافى بحت، لا كصناعة تسعى للربح، تخيلوا مثلا صناعة الملابس فى مصر لدينا تاريخ طويل فى تصنيع وتصدير الأزياء، وعندما نواجه أزمة فى هذا القطاع، لا نتحدث عن الأمر من منظور فلسفى أو ثقافى، بل نناقش أسباب توقف التصدير وتأثيره الاقتصادى، ونبحث عن حلول صناعية وتسويقية.
فى المقابل، حين نناقش الدراما، ندير الحوار نحو الجوانب الفنية والثقافية فقط، دون أن نتساءل: هل تم بيع هذه المسلسلات؟ وهل حققت ربحا؟ هل لامس المنتج احتياجات المشاهدين؟ متجاهلين أن هدفها التجارى لا يقل أهمية عن بقية الأهداف.
وحتى فكرة التصنيف العمرى للمسلسلات لها بعد مالى بحت، فهى تهدف إلى زيادة الإيرادات عبر استهداف شرائح معينة من الجمهور.
واستطرد صالح: إذا اعترفنا بأن الدراما صناعة تهدف إلى الربح، ودرسنا مشاكلها من منظور الإنتاج والتوزيع وحقوق المبدعين، سنصل إلى حلول عملية، عندها فقط سنتمكن من تطوير القطاع والوصول به إلى مستوى الطموح الذى ننشده.
وأضاف صالح، أنه يجب قياس نسب المشاهدة ومدى رضاء الجمهور من خلال شركات قياس نسب المشاهدة لأنها دليل مهم على معرفة ما هو المناسب وما هو غير المناسب وما هو المطلوب أو عليه إقبال، هذه الشركات تعمل كبوصلة للمبدع تجعله يبحث فى ضوء نتائجها عما يحتاجه السوق.
أما محمد سرى، مدير المشروعات فى شركة ميديا هب «سعدى جوهر، فقال: منذ قليل دار بينى وبين الأستاذ أنور عبدالمغيث نقاش حول أحد المشاريع، وكان أول سؤال طرحته عليه: هل هذا العمل معاصر أم يغوص فى مرحلة زمنية محددة؟ فالتعامل مع عمل يُصنَّف كمرحلة زمنية يعنى ما يقرب من 100 مليون جنيه زيادة فى التكلفة، ورغم الضغط الشديد على الجداول والميزانيات، نحرص دائما على تقديم أعمال محترمة من الناحية الفنية.
وتابع سرى: اليوم، أى مشهد إضافى فى المسلسل يكلفنا نحو مليون جنيه؛ لذا تعتبر الظروف الإنتاجية العقبة الأكبر أمام الدراما، ومع ذلك نضطر للعمل فى الإطار المتاح، وإلا سيخسر المنتج ماله، فعلى سبيل المثال، ارتفعت ميزانية مسلسل جودر هذا العام بنحو 70 % عن المبلغ الأصلى، وما زلنا نقدم أعمالا رغم هذه التحديات.
لقد قدّمت هذا العام ثلاثة مشاريع خلت من أى تعديلات رقابية، لكن كان بالإمكان تحسين بعض المشاهد لو توفر لنا المزيد من الميزانية.
ومن جانبه، قال أشرف عبدالمعبود، رئيس رابطة المنتجين: هذا الاجتماع نسأل فى البداية لماذا نقيمه، هل للتطوير أم لنجاح الدراما، فهناك عدة عوامل لو قمنا بها سننجح، أولها تسهيل الإجراءات عند التصوير فى أماكن عامة أو أماكن أثرية، وثانيا تقليل التكلفة، فهناك العديد من الجهات تطلب منا مقابلا ماديا كبيرا من أجل التصوير فى حين أننا ننتج لصالح الدولة، فأتمنى النظر لتلك المشكلات التى تكلف المنتجين الكثير من المال.
واختتمت علا الشافعى، الكاتبة الصحفية ورئيس تحرير اليوم السابع، الحديث بالإشارة إلى وجود بروتوكول بين بعض الوزارات مثل وزارة التعليم ووزارة الثقافة كان هدفه تسهيل عملية التصوير والإنتاج.
وأكدت علا، أن هذا الإطار لم يكن كافيا، إذ لا تزال السينما تعامل وكأنها «درجة ملاهى» ضمن إجراءات روتينية، لذا نحتاج اليوم إلى إجراءات اقتصادية واضحة تدعم صناعة السينما والدراما بشكل فعال، للارتقاء بالسينما والدراما من مجرد ترفيه إلى صناعة وطنية استراتيجية تسهم فى الناتج القومى وتُعزّز المكانة الثقافية لمصر.
اشرف عبد المعبود
السيناريست أنور عبد المغيث
السيناريست إياد صالح