في قلب القرى المصرية التي عانت لعقود من التهميش، أطلقت الدولة المصرية، بالتعاون مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، مبادرات رائدة لمحو الأمية وتمكين المواطنين من حقهم في التعليم، تلك المبادرات لم تكن مجرد فصول دراسية، بل كانت نقطة تحول في حياة الآلاف من أبناء الريف. استهدفت حملات التحالف الوطني القرى التي ترتفع بها نسب الأمية، خاصة في محافظات الصعيد والدلتا، حيث تم إنشاء آلاف الفصول المجانية لتعليم الكبار بالتنسيق مع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، كما تم توفير مدرسين مؤهلين، ومناهج مبسطة تراعي ظروف الدارسين، وبيئة محفزة على التعلم.كذلك أظهرت إحصائيات التحالف أن أكثر من 60% من المستفيدين من فصول محو الأمية نساء، ما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية تمكين المرأة من أدوات المعرفة. وقد رُبطت هذه المبادرات ببرامج التمكين الاقتصادي، فبعد اجتياز الأمية، أتيحت للمشارِكات فرص التدريب المهني والدخول في مشروعات صغيرة. التكامل مع مبادرة “حياة كريمة”عمل التحالف جنبًا إلى جنب مع مشروع “حياة كريمة” لتوفير مراكز تعليم مجتمعية داخل المجمعات الخدمية المنشأة حديثًا في القرى، ما سهّل الوصول إلى التعليم بشكل مستدام. هذه المراكز لم تكن فقط لتعليم القراءة والكتابة، بل شملت أيضًا توعية صحية واجتماعية، ما يعزز من جودة حياة المواطن.وبحلول منتصف 2025، أعلن التحالف الوطني أنه تم محو أمية أكثر من 120 ألف مواطن في نحو 500 قرية، وأن الخطط مستمرة للوصول إلى مليون دارس بنهاية عام 2026، وبلغ عدد الفصول المفتتحة ما يزيد عن 8 آلاف فصل، بدعم من 15 جمعية ومؤسسة أهلية.كما واجهت المبادرات تحديات أبرزها العزوف عن التعليم بسبب الفقر أو ثقافة التهميش، لكن التحالف اعتمد على حملات توعوية، واستعان بشخصيات مؤثرة من أبناء القرى لتشجيع المواطنين على الالتحاق، وتم تقديم حوافز تشجيعية بسيطة للدارسين المنتظمين. قصة نجاح من أعماق الصعيدوفي إحدى قرى محافظة سوهاج، جلست “أم هاني”، السيدة الأربعينية، في مقعدها داخل فصل لمحو الأمية التابع للتحالف الوطني، تقلب صفحات كتابها لأول مرة. كانت تحلم أن تقرأ لابنتها دروسها، وتكتب اسمها بيدها، بعد أربعة أشهر من الانتظام، تعلمت القراءة والكتابة، وحصلت على شهادة اجتياز، اليوم، تدير “أم هاني” مشروعًا صغيرًا لبيع المنتجات اليدوية، وتقول بفخر: “التعليم غيّر حياتي، بقيت حاسة إن لي قيمة”.تجارب مثل تجربة “أم هاني” ليست نادرة، بل تتكرر في كل قرية زارها التحالف، لتؤكد أن دعم الإنسان يبدأ من الكلمة الأولى التي يتعلم قراءتها.