ما هي خطط إسرائيل لـ”احتلال غزة”؟ – DW – 2025/5/9

وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بالإجماع على خطة لتوسيع نطاق الهجوم العسكري على غزة. وصرح مسؤول إسرائيلي يوم الاثنين بأن الخطة، التي أُطلق عليها اسم “عربات جدعون”، تتضمن “احتلال غزة” واحتلال القطاع، دون تحديد مدة الاحتلال. كما وافق المجلس على تجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لتنفيذ العملية.

وبناء على ما تم الكشف عنه حتى الآن، تتضمن الخطة قيام جيش الدفاع الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة والسيطرة عليه، “وتهجير السكان المدنيين قسرا” إلى جنوب غزة، و”تفكيك” حركة حماس المسلحة، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة، وإنشاء آلية جديدة للمساعدات، ولكن فقط بعد بدء العملية.

من غير المتوقع أن يُنفذ الاتفاق بالكامل إلا بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية الأسبوع المقبل. وحتى ذلك الحين، صرّح مسؤول أمني إسرائيلي للصحفيين يوم الاثنين باستمرار جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الأسرى مع حماس.

وحتى آخر التقارير، لا يزال 59 رهينة محتجزين في غزة بعد الهجوم الإرهابي الذي قادته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويُعتقد أن 24 منهم فقط على قيد الحياة. وحركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

ووفقا لتقارير وزارة الصحة في غزة، فإن الحملة العسكرية الواسعة التي شنتها إسرائيل في غزة ردا على ذلك قد أسفرت عن مقتل ما يُقدر بـ 52 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين. وترى الوكالات الدولية على أن إحصائيات القتلى الصادر عن وزارة الصحة في غزة موثوقة.

حسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن الحملة العسكرية الواسعة التي شنتها إسرائيل في غزة أسفرت عن مقتل ما يُقدر بـ 52 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين.صورة من: Majdi Fathi/NurPhoto/IMAGO

“التهجير القسري” للفلسطينيين

عقب قرار مجلس الوزراء، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في رسالة فيديو نُشرت على موقع X إن الهجوم الجديد على غزة سيهدف إلى هزيمة حماس. وأضاف أنه “سيتم نقل السكان، من أجل حمايتهم”.

بموجب القانون الدولي، يُعدّ “التهجير القسري” للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة جريمة حرب. وعندما يُرتكب بشكل ممنهج، يُمكن اعتباره أيضًا جريمة ضد الإنسانية.

يوم الاثنين، صرّح المتحدث العسكري الرئيسي باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، إفرايم دفرين، بأن “الهدف هو إعادة الرهائن، وتفكيك نظام حماس وهزيمتها هزيمة ساحقة”.

كما أكّد تصريحات مسؤولين آخرين بأنّ أحد الأهداف الأساسية للعملية العسكرية هو “النقل القسري” واسع النطاق لـ”غالبية سكان قطاع غزة” إلى مناطق جنوب القطاع، دون توضيح مصير الأشخاص غير القادرين أو غير الراغبين في المغادرة.

بالإضافة إلى ذلك، صرّح مسؤول أمني كبير للصحفيين بأنّ الأهداف العملية ستشمل “برنامج نقل طوعي” للنازحين في الجنوب، في إشارة على ما يبدو إلى اقتراح ترامب المثير للجدل بأن تتولى الولايات المتحدة “ملكية” القطاع وتهجير سكان غزة إلى دول ثالثة. وقد وصف مسؤولو الأمم المتحدة هذا بأنه “تطهير عرقي”.

نزح ما يقرب من 90% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيشصورة من: Hatem Khaled/REUTERS

في الأشهر الأولى من الحرب، نزح ما يقرب من 90 % من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بسبب ما يُسمى “أوامر الإخلاء” التي أصدرها الجيش. كانوا يعيشون في منازل مؤقتة وخيام في وسط وجنوب غزة.

بعد أن أنشأت إسرائيل ممر نتساريم، وهو منطقة عسكرية تفصل شمال غزة عن جنوبها، لم يتمكنوا من العودة حتى سريان وقف إطلاق النار في يناير. بعد وقف إطلاق النار، عاد مئات الآلاف إلى شمال غزة ليجدوا منازلهم مدمرة أو متضررة بشدة.

غزو واحتلال

على عكس الأشهر الأخيرة، لا يخطط الجيش الإسرائيلي للانسحاب بعد عملية برية، لكنه “سيبقى في أي منطقة يتم احتلالها”، كما صرّح مسؤول إسرائيلي كبير للصحفيين يوم الاثنين.

تشير بعض التقارير إلى أن هذه المناطق ستصبح جزءا من منطقة عازلة أو أمنية ممتدة، أنشأها الجيش ووسّعها مؤخرا داخل غزة. بينما تشير تقارير أخرى إلى أن المنطقة بأكملها، التي تبلغ مساحتها حوالي 365 كيلومترا مربعا فقط، ستتم استعادتها.

في رسالة فيديو على قناة X، قال نتنياهو: “لن ندخل ونخرج، بل فقط لاستدعاء قوات الاحتياط ليأتوا ويستولوا على الأراضي”. نحن ننسحب من الأراضي وننفّذ غارات على ما تبقّى (…) هذا ليس هو الهدف. ما هو هدفنا؟ العكس تماماً”. لكنه امتنع عن توضيح حجم الأراضي التي سيتم الاستيلاء عليها.

ومنذ أن انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت لمدة شهرين مع حماس واستأنفت هجومها في مارس/ آذار، وسّع الجيش ما يُسمى بالمناطق الأمنية وغيّر خريطة قطاع غزة.

وبالإضافة إلى ممر نتساريم، هناك ممر موراج المُنشأ حديثا، والذي يفصل خان يونس عن رفح. يمتد كلا الممرين من الشرق إلى الغرب، ويقسمان غزة إلى ثلاثة أجزاء.

تُقدّر الأمم المتحدة أنه منذ استئناف إسرائيل هجومها، أصبح حوالي 70% من الأراضي الفلسطينية إما جزءا من “منطقة حمراء”، حيث يتطلب الأمر التنسيق مع الجيش، أو خاضعا لما يُسمى “أوامر إخلاء”، وهي بمثابة تهجير من الجيش للفلسطينيين.

وقد أدى هذا إلى حشر مئات الآلاف من الفلسطينيين في مساحة تتقلص باستمرار، بينما يستمر القصف والغارات الجوية في جميع أنحاء غزة.

يوم الاثنين، قال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن على الجمهور الإسرائيلي “التوقف عن الخوف من كلمة “احتلال”. وفي حديثه مع مراسلي القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، قال: “سنحتل قطاع غزة أخيرا”.

آلية مساعدات جديدة

أفادت التقارير أن مجلس الوزراء وافق أيضا على آلية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة، لكن التفاصيل لا تزال غامضة.

منذ أوائل مارس/ آذار، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات أو مواد غذائية أو إمدادات طبية أو سلع تجارية إلى غزة. وتقول وكالات الإغاثة إن معظم مخزونات الإمدادات قد استنفدت. لم يعد بإمكان معظم السكان إيجاد ما يكفي من الطعام أو شراء السلع الأساسية، التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.

لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات أو مواد غذائية أو إمدادات طبية أو سلع تجارية إلى غزة لمدة طويلةصورة من: Mahmoud İssa/Anadolu/picture alliance

كما صرحت وكالات الإغاثة بأن النظام الإنساني على وشك الانهيار، واتهمت إسرائيل باستخدام المساعدات كأداة سياسية. وحذر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن التجويع جريمة حرب، لكن إسرائيل تنفي أن يكون هذا هو القصد.

ويزعم المسؤولون أن الهدف من إعادة توزيع المساعدات في غزة هو منع حماس من تحويل المساعدات إلى عناصرها. وفي إحاطة إعلامية، قال مسؤول أمني إسرائيلي كبير إن الإغلاق سيبقى قائما في الوقت الحالي، ولن يُعاد فتحه إلا بعد بدء الهجوم العسكري و”إجلاء شامل للسكان إلى الجنوب”.

وأضاف المسؤول أيضا أن الجيش سيؤمن “منطقة معقمة في منطقة رفح”، وأن جيش الدفاع الإسرائيلي سيقوم “بفحص الداخلين لمنع تواجد عناصر حماس”.

في فبراير/ شباط، دقّت منظمات الإغاثة ناقوس الخطر بشأن المبادئ التوجيهية الجديدة التي اقترحها عليها مكتب منسق أعمال الحكومة في هذه المناطق، التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية. وتوضح وثيقة داخلية متداولة بين منظمات الإغاثة، اطلعت عليها DW، تفاصيل الإصلاح المقترح.

وتشمل هذه الوثيقة تقييد نقاط الدخول بمعبر حدودي واحد في الجنوب، بالقرب من مصر، ونقل المساعدات إلى “مراكز” تديرها شركات أمنية خاصة ويشرف عليها الجيش الإسرائيلي، وإجراءات جديدة لمنظمات الإغاثة الدولية للتقدم بطلب للحصول على موافقة مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق قبل الحصول على إذن العمل.

ووصف رؤساء جميع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في غزة هذه الخطط بأنها “غير مقبولة”. وفي بيان مشترك صدر يوم الأحد، قالوا إنها “تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، ويبدو أنها مصممة لتعزيز السيطرة على المواد الأساسية كأسلوب ضغط”.

أعدته للعربية: ماجدة بوعزة

close