يؤدي هذا القرار إلى وفاة أكثر من 14 مليونًا

لقد لعب هذا التمويل دورًا حيويًا في تعزيز قدرة الدول النامية على مكافحة الأمراض والأوبئة، وتحقيق تقدم ملموس في مؤشرات الصحة العامة.

 

في ظل التحديات المتفاقمة التي تواجهها الدول النامية ومتوسطة الدخل، وفي وقت يحتاج فيه العالم إلى التضامن الدولي أكثر من أي وقت مضى لتحسين الصحة والاستقرار الإنساني، حذّرت دراسة جديدة نُشرت يوم الثلاثاء في المجلة الطبية المرموقة “ذا لانسيت” من العواقب الوخيمة للقرار السياسي الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخفض تمويل برامج المساعدات الدولية.

 

يؤدي هذا القرار إلى وفاة أكثر من 14 مليونًا

 

ووفقًا للدراسة، قد يؤدي هذا القرار إلى وفاة أكثر من 14 مليونًا من أكثر سكان العالم ضعفًا بحلول عام 2030، ثلثهم من الأطفال.

 

وتُسلّط الدراسة، التي شارك في تأليفها عدد من الباحثين المرموقين، بمن فيهم ديفيد راسيلا من معهد برشلونة للصحة العالمية، الضوء على الأثر العميق الذي قد يُحدثه خفض التمويل الأمريكي على جهود الصحة العالمية.

 

أوضحت راسيلا أن قرار إدارة ترامب “يهدد بتعطيل، أو حتى عكس، التقدم المحرز على مدار عقدين في مجال الصحة، لا سيما فيما يتعلق بتحسين صحة الفئات الضعيفة والمحرومة”.

 

ستكون الصدمة الناجمة عن هذا القرار كــارثية

 

وأضافت الباحثة: “بالنسبة للعديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ستكون الصدمة الناجمة عن هذا القرار كــارثية، ككـــارثة صحية كبرى، بتأثير يعادل تأثير جائحة عالمية أو نزاع مسلح واسع النطاق”. 

 

ولا يستند هذا التحذير إلى التوقعات فحسب، بل أيضًا إلى بيانات وتجارب سابقة تؤكد الدور الأساسي للمساعدات الأمريكية في تحسين المؤشرات الصحية في هذه البلدان.

 

يتزامن نشر هذه الدراسة مع انعقاد مؤتمر دولي كبير حول تمويل التنمية في إسبانيا، حضره قادة العالم لمناقشة مستقبل المساعدات الإنمائية. وتغيب الولايات المتحدة، مما يعكس النهج الانعزالي الذي اتبعته إدارة ترامب منذ عودتها إلى البيت الأبيض في يناير الماضي.

 

يؤكد هذا الاختلاف الكبير على أهمية الدعم الأمريكي في إنقاذ الأرواح، لا سيما في المجتمعات الفقيرة التي تفتقر إلى بنية تحتية صحية متكاملة.

 

تكشف الدراسة أن إضعاف هذه البرامج لا يهدد المكاسب الصحية التي تحققت في العقود الأخيرة فحسب، بل يُمهد الطريق أيضًا لأزمة إنسانية واسعة النطاق، لا سيما في المناطق الأكثر هشاشةً وضعفًا.

وقد لعب هذا التمويل دورًا حاسمًا في تعزيز قدرة الدول النامية على مكافحة الأمراض والأوبئة، وأدى إلى تقدم ملموس في مؤشرات الصحة العامة.

 

وبناءً على هذه البيانات، خلص الباحثون إلى أن خفض التمويل الأمريكي بنسبة 83%، الذي أعلنته واشنطن في وقت سابق من هذا العام، قد يؤدي إلى وفاة أكثر من 14 مليون شخص إضافي بحلول نهاية العقد.

 

وتشمل هذه الخسائر الكـــارثـــية أكثر من 4.5 مليون طفل دون سن الخامسة، أي ما يقرب من 700 ألف حالة وفاة سنوية بين الأطفال وحدهم.

 

وتعزو الدراسة هذا الأثر المدمر إلى أن البرامج الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ساهمت سابقًا في خفض معدل الوفيات لجميع الأسباب بنسبة 15%، بينما يصل هذا الرقم إلى 32% بالنسبة لوفيات الأطفال دون سن الخامسة.

 

ينعقد المؤتمر في ظل أجواء قاتمة، لا سيما بعد أن تضررت مساعدات التنمية بشدة جراء التخفيضات الجذرية في الميزانية الأمريكية، مما أثار قلقًا بالغًا لدى المنظمات الدولية والإنسانية.

 

تسلط الدراسة الضوء على أن البرامج التي مولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، والتي نُفذت في 133 دولة بين عامي 2001 و2021، قد حالت دون وفاة ما يقرب من 91 مليون شخص من خلال دعم النظم الصحية، وتوفير الأدوية الأساسية، وتحسين الوصول إلى خدمات الصحة العامة.

close